(تقحّمون) والتقحم هو التهجم على الشيء من غير ترو ولا تبصر وهذا مثل لاجتهاد نبينا صلى الله عليه وسلم في نجاتنا وحرصه على تخليصنا من الهلكات التي بين أيدينا ولجهلنا بقدر ذلك وغلبة شهواتنا علينا وظفر عدونا اللعين بنا حتَّى صرنا أحقر من الفراش والجنادب وأذل من الطين اللازب.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٥٨١٧ - (٢٢٥٩)(١٤)(حَدَّثَنَا عمرو بن محمد) بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي الأعور (عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثلي ومثل الأنبياء) من قبلي أي صفتي وصفتهم (كمثل) بناء (رجل) ولبنة باقية منه (بنى) ذلك الرجل (بنيانًا) أي بناء من الدار مثلًا (فأحسنه) أي فأحسن ذلك الرجل - بنائه - أي بناء ذلك البنيان بتحسين وضع لبناته بعضها على بعض (وأجمله) أي أجمل ذلك البناء وزينه بتطيينه وتجصيصه (فجعل الناسه) أي شرعوا (يطيفون به) أي يطوفون ويدورون بذلك البناء لينظروا حسنه ويتعجبوا من تجميله، وهو من أطاف بمعنى طاف الثلاثي، حالة كونهم (يقولون) أي يقول بعضهم لبعض: (ما رأينا بنيانًا) أي بناء (أحسن) وضعًا وأساسًا (من هذا) البناء (إلا هذه اللبنة) أي إلَّا ما بقي منه من فرجه موضع هذه اللبنة الباقية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فكنت أنا تلك اللبنة) الباقية من البناء فختم الله عزَّ وجلَّ بي بناء دار النبوة وجعلني آخرَ لِبَنَاتِهَا فكنتُ خاتمَ النبيين فلا نبي بعدي.