للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: أراد تهامة التي هي مقابلة لنجد، وقيل: أراد الأنصار لأنهم يمانيون، واستحقوا ذلك لبدارهم إلى الإسلام طوعًا بخلاف أهل الحجاز القاسية قلوبهم عن ذكر الله تعالى، والمعنى عليه مُعظم أهل الإيمان وأنصار الدين يمانٍ، وقيل: أراد به الإقليم المعروف، والمعنى عليه: أهل اليمن أكمل الناس إيمانًا.

وذكر الطحاوي سببًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان" وهو أن عيينة بن حصن فضَّل أهل نجد على أهل اليمن لأنه منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبت بل هم أهل اليمن الإيمان يمان، قال النووي: والظاهر إجراء الكلام على ظاهره، وحمله على أهل اليمن حقيقة لأن من اتصف بشيء وقَويَ قيامه به وتأكد اطلاعه منه ينسب ذلك الشيء إليه إشعارًا بتميزه به وكمال حاله فيه، وهكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الإيمان، وحال الوافدين منه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أعقاب موته، كأويس القرني وأبي مسلم الخولاني رضي الله عنهما، وشِبههما ممن سلم قلبه وقوي إيمانه، فكانت نسبة الإيمان إليهم لذلك إشعارًا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفي له عن غيرهم، فلا معارضة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر "الإيمان في أهل الحجاز" لأن معنى هذا مبدؤه وظهوره في أهل الحجاز ثم المراد بأهل اليمن الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان، فإن اللفظ لا يقتضيه، هذا هو الحق والصواب في معنى الحديثين والجمع بينهما والله أعلم اهـ منه بتصرف.

(واعلم) أن اليمن ليست من ذرية إسماعيل - عليه السلام - لأن يمنًا هو لقب يعرب بن قحطان بن عبد الله بن هود - عليه السلام -، وإنما سُمي يمنًا لقول هود - عليه السلام - له: أنت أيمن ولدي نقيبة، فالعرب عربان: يمن وإسماعيلية، ومن يجعل العرب كلها من إسماعيل يقول في يمن إنه ابن قيدر بن إسماعيل، والصحيح أنه ابن قحطان كما مر عند مبحث معبد الجهني.

وعبارة المفهم هنا: قيل إن هذه الإشارة صدرت عنه صلى الله عليه وسلم وهو بتبوك وبينه وبين اليمن مكة والمدينة، ويؤيد هذا قوله في حديث جابر: "الإيمان في أهل الحجاز" فعلى هذا يكون المراد بأهل اليمن أهل المدينة ومن يليهم إلى أوائل اليمن،

<<  <  ج: ص:  >  >>