للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" رواه البخاري ومسلم والترمذي، وعلى هذا فيكون معنى قرني الشيطان في الحديث: أنهما أمتان عظيمتان يعبدون غير الله تعالى، ولعلهم في ذلك الوقت ربيعة ومضر المذكوران في الحديث، أو أمتان من الفرس يعبدون الشمس ويسجدون لها من دون الله تعالى كما جاء في الحديث "وحينئذ يسجد لها الكفار" كما مر تخريجه بقوله "إن الشمس تطلع" إلخ.

وقال الخطابي: قرن الشيطان ضُرب به المثل فيما لا يحمد من الأمور، وقيل المراد بهذا الحديث ما ظهر بالعراق من الفتن العظيمة والحروب الهائلة، كوقعة الجمل وحروب صفين وحروراء وفتن بني أمية، وخروج الخوارج، فإن ذلك كان أصله ومنبعه العراق ومشرق نجد، وتلك مساكن ربيعة ومضر إذ ذاك والله أعلم انتهى.

وقال السنوسي: قوله (عند أصول أذناب الإبل) معناه الذين لهم جلبة وصياح عند سوقهم لها ماسكين لذنبها.

(قلت) فائدة ذكر هذا الظرف تصوير هذه الحالة المستهجنة، والإشارة إلى منافاتها لارتياض النفس بحسن أدلة الشريعة وفهم أسرارها، الحامل على لين القلب واتعاظه لوقوف هذه الأمور على ملازمة مجالس الفقه والحكمة، ومخالطة أرباب الصدور والعلماء العاملين، واكتساب محاسن أخلاقهم بملازمة صحبتهم، وترك أضدادهم، وما يوجب البعد عن مجالستهم من الأشغال الدنيوية والحرف المشغلة عن كل خير، وأين هذا ممن عكف نفسه على صحبة حيوان بهيمي، ورضي لنفسه أن تكون ملازمة لذنبها، ولقد أجاد من قال:

عليك بأرباب الصدور فمن غدا ... مضافًا لأرباب الصدور تَصدرا

وإياك أن ترضى بصحبة ساقط ... فتنحط قدرًا من علاك وتحقرا

وبهذا تعرف أنه يدخل في معنى الحديث من لازم الجلوس مع أذناب الناس والجهلة منهم أو عكف نفسه على صحبة البهائم للتجارات أو الحراثة، أو رضي لنفسه بملازمة الأسواق ومحال الصخب وكثرة الصياح والتخليط لمجرد أمور الدنيا والله تعالى أعلم اهـ.

وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث أعني حديث أبي مسعود

<<  <  ج: ص:  >  >>