للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ"

ــ

قلوبهم أسرع انعطافًا إلى الخير لصفاء أفئدتها، وعدم الحجب، وقيل اللين والضعف خفض الجناح، ولين الجانب في الظاهر والرقة والشفقة على الخلق في الباطن، فكأنه يقول: هم أحسن في الظاهر والباطن.

(الإيمان) أي قوة الإيمان وقبوله وطواعيته (يمان) أي منسوب إلى اليمن (والفقه) أي إدراك الأحكام الشرعية الفرعية والعملية (يمان) أي منسوب إلى اليمن (والحكمة) أي إدراك الأحكام الشرعية الأصولية الاعتقادية الموصل إلى معرفة الله ورسله وجميع السمعيات (يمانية) أي منسوبة إلى اليمن، والمعنى: أهل اليمن أكمل الناس إيمانًا وفقهًا وحكمة، فلا يلزم من نسبة الإيمان والفقه والحكمة إليهم نفي الثلاثة عن غيرهم، فلا تعارض بين قوله الإيمان يمان، وقوله الإيمان في أهل الحجاز، كما سيأتي، وقوله (يمان ويمانية) قال النووي: الجمهور بتخفيف الياء لأن ألفه زيدت بدلًا من ياء النسب المشددة، فلا يجمع بينهما وحكى المبرد وسيبويه عن بعض العرب فيها التشديد، قال أمية بن خلف:

يمانيًّا يظلُّ يشبُّ كيرًا ... وينفخ دائمًا لهب الشُّواظ

والفقه لغة الفهم، واصطلاحًا إدراك الأحكام الشرعية العملية بالاستدلال على أعيانها، والحكمة لغة ما منع من الجهل والجفاء، والحكيم من منعه عقله وحلمه من الجهل، حكاه ابن عرفة، واصطلاحًا العلم بالأحكام الاعتقادية المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى المصحوب بنفاذ البصيرة، وتهذيب النفس وتحقيق الحق، والعمل به والصد عن اتباع الهوى والباطل، والحكيم من له ذلك، قاله النووي، وقال ابن دريد: كل كلمة وعظتك وزجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة وحكم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "إن من الشعر حكمة" وفي بعض الروايات "حِكمًا" وهي مأخوذة من حكمة الدابة وهي الحديدة التي هي اللجام سُميت بذلك لأنها تمنعها، وهذه الأحرف خ ك م حيثما تصرفت فيها فهي بمعنى المنع قال الشاعر:

أبني حنيفة أَحْكِموا سفهاءكم ... إني خشيت عليكم أن أغضب

وروى الطحاوي في سبب هذا الحديث أن عيينة بن حصن فضل أهل نجد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كذبت بل هم أهل اليمن الإيمان يمان، والحديث الآخر

<<  <  ج: ص:  >  >>