بُعد بالنظر إلى لفظ الرواية وبالنظر إلى لفظ أبي إسحاق جميعًا. والذي يظهر من مراد أبي إسحاق أن كلمة (معهم) ليست في موضعها، وأما قوله:(ولا يراني) وقوله: (لأن يراني) فهما في موضعهما والمعنى (ليأتين على أحدكم يوم لا يراني فيه بسبب وفاتي) ثم تكون رؤيتي عنده معهم أحب إليه من أهله وماله والله أعلم قاله صاحب التكلمة.
قال القرطبي: الرواية دون تقديم ولا تأخير صحيحة المعنى والمقصود بالحديث إخبارهم بأنه صلى الله عليه وسلم إذا فُقد تغير الحال على أصحابه فيقع من الاختلاف والفتن والمحن ما يود أحدهم أن لو يراه بكل ما معه من أهل ومال، وعلى الجملة فساعة موته صلى الله عليه وسلم اختلفت الآراء ونجمت الأهواء وكاد النظام أن ينحل لولا أن الله تداركه بأبي بكر رضي الله عنه وبأهل الحل والعقد حتى قال بعض الصحابة: ما سوينا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنكرنا قلوبنا فكلما حصل واحد منهم في كربة من تلك الكرب ود أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل ما معه من أهل ومال ونُشب وذلك لتذكره ما فات من بركات مشاهدته ولما حصل بعده من فساد الأمر وتغير حالته والله سبحانه أعلم اهـ من المفهم.
[قلت]: والحديث صحيح المعنى بلا تقديم ولا تأخير كما ذكره القرطبي وكما قررناه في حلنا.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٣١٣]، والبخاري في المناقب باب علامات النبوة برقم [٣٥٨٩] من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة في ضمن حديث آخر.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ثمانية: الأول: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتبن، والثاني: حديث سعد بن أبي وقاص ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث أنس ذكره للاستشهاد وذكر فيه خمس متابعات، والرابع: حديث أبي موسى الأشعري ذكره للاستشهاد، والخامس: حديث طلحة بن عبيد الله ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والسادس: حديث رافع بن خديج ذكره للاستشهاد، والسابع: حديث عائشة وأنس ذكره للاستشهاد، والثامن: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله سبحانه أعلم.