للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: قَال أَبُو هُرَيرَةَ: قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ"

ــ

(قال) الأعرج (قال أبو هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاكم) أيها المؤمنون من الأنصار والمهاجرين (أهل) قطر (اليمن) مسلمين طائعين، وهذا الخطاب صريح في أن المراد بأهل اليمن أهل قطر اليمن لا الأنصار ولا أهل الحجاز، لأنهم هم المخاطبون، وفي هذه الرواية زيادة ضمير المخاطبين (هم أضعف قلوبًا) من مضر وربيعة، أي أسرع فهمًا وانفعالًا للخير (وأرق أفئدة) منهم أي أخشع وأصفى من الحجاب يعني قلوبهم ضعيفة سريعة لفهم الخيرات وقبولها، لا غليظة لا تفهم الخير ولا تقبله كقلوب مضر وربيعة، رقيقة خاشعة صافية من الحجاب لا قاسية كقلوبهم.

(فائدة) والفرق بين الأفئدة والقلوب أن الفؤاد من القلب كالقلب من الصدر، يعني أن الفؤاد وسط القلب وباطنه وداخله الذي يحترق بسبب المحبة والعشق، ويتألم بسبب الحزن والهم والغم اهـ من تفسير حدائق الروح والريحان في سورة الأحزاب، والحاصل أن الصدر غِلاف القلب والقلب غلاف الفؤاد، فالفؤاد داخل الداخل، وبهذا ظهر الفرق بينهما، وفي القرطبي: والقلوب جمع قلب، سُمي به لأنه يتقلب كثيرًا كما قال الشاعر:

وما سُمي الإنسان إلا لنسيه ... وما القلب إلا أنه يتقلبُ

والأفئدة جمع فؤاد وهو القلب، وقيل الفؤاد داخل القلب، أي اللطيفة القابلة للمعاني من العلوم والمحبة والحزن وغيرها اهـ بتصرف وزيادة. (الفقه) أي علم الأحكام الشرعية العملية (يمان) أي منسوب إلى أهل اليمن (والحكمة) أي علم الأحكام الاعتقادية التي تهذب النفوس من الضلالة والشهوات، وتربيها بمعرفة الله تعالى ورسله وجميع السمعيات (يمانية) أي منسوبة إلى أهل اليمن، يعني أهل اليمن أكثر علمًا بالأحكام الشرعية العملية، وعلمًا بالأحكام الاعتقادية الموصلة إلى معرفة الله تعالى، فليس المراد نفي ذلك عن غيرهم، بل المراد تفضيلهم على غيرهم من ربيعة ومضر، في الفقه والحكمة في ذلك الوقت، لا في جميع الأزمنة، فليست تلك المنقبة لأولادهم، كما أن فضل الهجرة ليست لأولاد المهاجرين، وخلاصة ما ذكرناه أن من رق قلبه ولان قبل المواعظ وخضع للزواجر وسارع إلى الخير صفا للإيمان والفقه والحكمة كأهل

<<  <  ج: ص:  >  >>