للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ: "فَلَوْ كُنْتُ ثَم، لأَرَيتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَي جَانِبِ الطرِيقِ، تحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ"

ــ

المقدس، قال العيني في عمدة القاري [٤/ ١٦٦] "فإن قلت": ما الحكمة في طلبه الدنو من الأرض المقدسة [قلت]: الحكمة في ذلك أن الله لما منع بني إسرائيل من دخول بيت المقدس وتركهم في التيه أربعين سنة إلى أن أفناهم الموت ولم يدخل الأرض المقدسة إلا أولادهم مع يوشع - عليه السلام - ومات هارون ثم موسى عليهم السلام قبل فتحها، ثم إن موسى لما لم يتهيأ له دخولها لغلبة الجبارين عليها ولا يمكن نبشه بعد ذلك لينقل إليها طلب القرب منها لأن ما قارب الشيء أعطي حكمه، ويستنبط منه فضيلة الدفن في المواضع الفاضلة وفي مقابر الصلحاء اهـ وسُميت أرض بيت المقدس الأرض المقدسة لأنها لم يُعبد فيها صنم لأنها أرض الأنبياء ومهاجرهم بخلاف مكة لأنها عُبد فيها الأصنام حول البيت فلا تسمى مقدسة بل تسمى الأرض الأمينة والأرض المشرفة والبلدة المكرمة فانتبه لهذه الدقيقة كما ذكرناها في تفسيرنا حدائق الروح والريحان. قوله: (رمية بحجر) يحتمل أن يكون مراده أن يقرب من بيت المقدس بحيث إذا رُمي منه بحجر وقع في موضع دفنه، ويحتمل أن يكون المراد أن يقدم من مكانه الذي يتكلم هو فيه الآن بقدر رمية حجر إلى جهة بيت المقدس ذكر الاحتمالين العيني، والأول أولى بالنظر إلى رواية همام الآتية، وفيها (أمتني من الأرض المقدسة رمية بحجر) وقوله: (رمية بحجر) منصوب على الظرفية المكانية يعني على النيابة عنها أي مقدار رمية بحجر قاله القرطبي.

قال أبو هريرة: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلو كنت) أنا وأنتم (ثم) بفتح المثلثة اسم إشارة للمكان البعيد أي لو كنت أنا وأنتم ثم أي في المكان الذي دفن فيه موسى (لأريتكم) أي لأبصرتكم (قبره) أي قبر موسى (إلى جانب الطريق) أي عند جانب الطريق الذي كان ثم، فإلى بمعنى عند ويعني بالطريق طريق بيت المقدس، وقوله: (تحت الكثيب الأحمر) بدل من الجار والمجرور قبله لأن إلى ظرف بمعنى عند كما قررناه في الحل أي أسفل من الكثيب الأحمر الذي كان هناك، والكثيب الرمل المجتمع المستطيل، وقيل التل، وقد تقدم في كتاب الأيمان (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر في طريقه إلى بيت المقدس ليلة أسري به بقبر موسى وهو قائم يصلي فيه) وهذا يدل على أن قبر موسى أخفاه الله تعالى عن الخلق ولم يجعله مشهورًا عندهم ولعل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>