للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْخُيَلاءُ فِي أَهْلِ الْخَيلِ وَالإِبِلِ الْفَدَّادِينَ أهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ"

ــ

وقال القرطبي: الفخر التفاخر بالآباء الأشراف وكثرة الأموال والخَوَل "أي الخدم" والجاه وغير ذلك من مراتب أهل الدنيا (والخيلاء) بالمد وَزنه عند سيبويه فعلاء، التبختر في المشي والتكبر والتعاظم، يقال خال الرجل يخول فهو خال وذو خال ومخيلة ومنه قول طلحة لعمر: إنا لا نخول عليك، أي لا نتكبر، ويقال: اختال يختال اختيالًا إذا تكبر في مشيته فهو مختال، ومنه قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} وقال ابن دريد: الخيلاء التكبر مع جر الإزار والمعنى والافتخار على الغير بما أوتي من عرض الدنيا والترفع في نفسه على الغير، واحتقار الناس كائنان (في أهل الخيل والإبل) أي عند أصحابها غالبًا (الفدادين) أي المصوتين الرافعين أصواتهم حُداءً لها عند سوقِها، والخيل اسم جنس لحيوان معروف سريع الجري يسمى الفرس، لا واحد له من لفظه يُجمع على خيول، سُمي بذلك لاختياله في مشيته وأول من ركبها واتخذها مركبًا إسماعيل - عليه السلام -، أخذها جائزة له على مساعدته لأبيه إبراهيم في بناء البيت، من أجياد واد على يمين جبل أبي قبيس بوحي إلى أبيه عليهما السلام، وكانت قبل ذلك من الوحوش، كما بسطنا الكلام على ذلك في تفسيرنا حدائق الروح والريحان، والإبل اسم جنس لواحد من النعم الثلاثة، وأول من اتخذها آدم - عليه السلام -، وقوله (أهل الوبر) بالجر بدل من أهل الخيل، أي في أهل الحيوان ذي الوبر الذي يتخذونه بيوتًا لأنفسهم، والوَبَر بالتحريك للإبل كالصوف للضأن، والشعر للمعز والبقر، ولذلك قال تعالى {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠].

قال الإمام: الخيلاء بالمد مشية مكروهة، هي التبختر في المشي، وهو من أفعال الجبابرة، وفي بعض الروايات "والرياء" وحكى ابن الصابوني أنه التجبر والاستحقار للناس، وقال الأصمعي: الفدادون الذين تعلو أصواتهم في حروثهم وأموالهم ومواشيهم (أهل الوبر) أي أصحاب البيوت المتخذة من الوبر، أي من شعور سنام الإبل (والسكينة) أي السكون والطمأنينة والتواضع وعدم الكبر والوقار كما جاء في الحديث (في أهل الغنم) أي في أصحابها على خلاف ما ذكره في صفة الفدادين، قال القرطبي: وهذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن أكثر حال أهل الغنم وأهل الإبل وأغلبه ورأس الكفر معظمه، يُريد أن أكثر أهله ورياستهم هُناك أي من جهة المشرق.

قال النووي: وأما قوله (في أهل الخيل والإبل الفدادين أهل الوبر) فالوبر وإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>