للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتى أَكْتُبَ كِتَابًا. فَإِنِّي أَخَافُ أَن يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أنا أَوْلَى. ويأبى اللهُ وَالمُؤْمِنُونَ إِلا أَبا بَكْرٍ"

ــ

أبي بكر (حتى أكتب كتابًا) أي لكي أكتب كتابًا في وصية الاستخلاف (فإني أخاف أن يتمنى) ويطمع في الخلافة (متمن) من الناس أي طامع لا يستحقها (و) أن (يقول قائل) منهم (أنا أولى) وأحق بالخلافة من غيري لكوني أقرب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نسبًا (و) لكن (يأبى الله) سبحانه وتعالى (والمؤمنون) من خلافة ذلك المتمني والقائل أنا أولى بها (إلا أبا بكر) أي إلا خلافته، قال النووي: في هذا الحديث دلالة ظاهرة على فضل أبي بكر، وفيه إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما سيقع في المستقبل بعد وفاته، وأن المسلمين يأبون عقد الخلافة لغيره، وفيه إشارة إلى أنه سيقع نزاع فيها، ووقع كل ذلك كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وأشار إليه. قوله: (ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) دليل صريح على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يود استخلاف أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم ترك التصريح بذلك ليقيم سنة الشورى بين المسلمين، وكان يعرف أن المسلمين لا يتفقون إلا على أبي بكر رضي الله عنه.

قال القرطبي: وهذا الحديث ليس نصا في استخلافه، وإنما يدل على إرادة استخلافه ولم ينص عليه ألا ترى أنه لم يكتب ولم ينص، والحاصل أن هذه الأحاديث ليست نصوصًا في استخلافه لكنها ظواهر قوية إذا انضاف إليها استقراء ما في الشريعة مما يدل على ذلك المعنى من علم استحقاقه للخلافة وأن انعقادها له ضرورة شرعية والقادح في خلافته مقطوع بخطئه وتفسيقه وهل يكفر أم لا؟ مختلف فيه، والأظهر تكفيره لمن استقرأ ما في الشريعة مما يدل على استحقاقه لها وأنه أحق وأولى بها سيما وقد انعقد إجماع الصحابة على ذلك، ولم يبق مخالف في شيء مما جرى هنالك.

وكانت وفاة أبي بكر رضي الله عنه على ما قاله ابن إسحاق يوم الجمعة لسبع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، وقال غيره: إنه مات عشية يوم الإثنين، وقيل: عشية يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الأخيرة، وهذا قول أكثرهم، قال ابن إسحاق: وتوفي على رأس سنتين وثلاثة أشهر واثنتي عشرة ليلة من متوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غيره: وعشرة أيام، وقيل: وعشرين يومًا، ومكث في خلافته سنتين وثلاثة أشهر إلا خمس ليال، وقيل: وثلاثة أشهر وسبع ليال، واختلف في سبب

<<  <  ج: ص:  >  >>