للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبه قال الحنفية والمالكية، والمشهور عن الشافعية، ورواية عند الحنابلة (١).

واستدلوا بأن الإحرام يكون من المكان الذي طرأ له فيه قصد النسك؛ لقول النبي في حديث المواقيت: «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» وهذا أنشأ النية من دون المواقيت، فميقاته من حيث أنشأ (٢).

وَعَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَحْرَمَ مِنَ الْفُرُعِ (٣) و (الفُرُع) بلد بين ذي الحُليفة وبين مكة، فتكون دون ميقات المدني، وابن عمر مدني. وتأويله أنه خرج من المدينة إلى الفُرُع لحاجة، ولم يَقصد مكة، ثم أراد النسك، فكان ميقاته مكانه.

القول الآخَر: أنه يَلزمه الرجوع إلى منزله. وهو قول للشافعية ورواية عند الحنابلة.

والراجح: أنه يُحْرِم من حيث طرأت له نية الإحرام، ولا يَلزمه الرجوع إلى محله.

الحالة الثانية: المرور بالميقات لدخول مكة لحاجة متكررة غير النسك، فلا يَلزمه الإحرام بالإجماع (٤).

الحالة الثالثة: المرور من الميقات لدخول مكة من غير قصد النسك، وليس ممن يتكرر دخوله:

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: مَنْ جاوز الميقات ممن لا يجب عليه النسك بقصد دخول مكة لحاجة لا تتكرر، فإنه لا يجب عليه الإحرام. وهو مذهب الشافعية، ورواية عن أحمد (٥).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٦٦)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٤٢)، و «المجموع» (٧/ ٢٠٣)، و «المغني» (٥/ ٧١).
(٢) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ سَافَرَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلنُّسُكِ، فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ النُّسُكُ- أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ تَجَدَّدَ لَهُ الْقَصْدُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ للْمِيقَاتِ؛ لِقَوْلِهِ: «فَمِنْ حَيْثُ أنشأ» «الفتح» (٣/ ٣٨٦).
(٣) إسناده صحيح: رواه مالك في «الموطأ» (٣٨٢)، (١١٨٨) عن نافع، به.
(٤) قال ابن عبد البر: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي الْحَطَّابِينَ، وَمَنْ يُدْمِنُ الِاخْتِلَافَ إِلَى مَكَّةَ وَيُكْثِرُهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ- أَنَّهُمْ لَا يُؤْمَرُونَ بِذَلِكَ؛ لِمَا عَلَيْهِمْ فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ. وَلَوْ أُلْزِمُوا الْإِحْرَامَ لَكَانَ عَلَيْهِمْ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ رُبَّمَا عُمَرٌ كَثِيرَةٌ. «التمهيد» (٦/ ١٦٤).
(٥) «المجموع» (٧/ ١١)، و «المغني» (٥/ ٧٢)، و «المُحَلَّى» (٧/ ٦٤).

<<  <   >  >>