للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الإحصار عن طواف الإفاضة]

اختَلف العلماء فيمن وَقَف بعرفة، ثم أُحْصِرَ عن البيت على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يكون مُحْصَرًا، وعليه القيام بأعمال الحج، ويَظل مُحْرِمًا في حق النساء حتى يطوف طواف الإفاضة. وهذا مذهب الحنفية والمالكية (١).

لأنه لما وقف بعرفة وأمكنه التحلل بالحلق يوم النحر عن كل محظور سوى النساء، فلم يَلزم امتداد الإحرام الموجب للحرج، ولم يَبْقَ عليه إلا الإفاضة التي يصح الإتيان بها في أي وقت من الزمان، ولا يَعجز المُحْصَر عن ساعة من ليل أو نهار يجد بها فرصة قدر الطواف، مختفيًا في زمان قدر شهر، والمنع من النساء في هذا المقدار لا يَستلزم حرجًا يبيح الإحلال مطلقًا بغير الطريق الأصلي (٢).

القول الثاني: أنه يكون مُحْصَرًا ويتحلل. وهذا مذهب الشافعية في الأظهر (٣).

القول الثالث: أنه إن أُحْصِرَ عن البيت بعد الوقوف بعرفة، قبل رمي الجمرة، فله التحلل. وإن أُحْصِرَ عن طواف الإفاضة بعد رمي الجمرة، فليس له أن يتحلل؛ لأنه فمتى ما زال الحصر أتى بالطواف وقد تم حجه. وهذا مذهب الحنابلة (٤).

[المطلب الثالث: الإحصار عن واجب من واجبات الحج]

إذا أُحْصِرَ عن واجب فلا يتحلل؛ لأنه يمكن جبره بالدم.

[المطلب الرابع: وقت الإحصار عن العمرة]

يَجوز للمُحْرِم بالعمرة التحلل عند الإحصار بعد ذبح هديه.

قال النووي: وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ بِالْعُمْرَةِ التَّحَلُّلُ عِنْدَ الْإِحْصَارِ بِلَا خِلَافٍ، وَدَلِيلُ التَّحَلُّلِ وَإِحْصَارِ الْعَدُوِّ نَصُّ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي تَحَلُّلِ النَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ


(١) «البحر الرائق» (٣/ ٦٠)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٩٩).
(٢) «فتح القدير» (٣/ ١٣٤).
(٣) «الحاوي» (٤/ ٣٤٩).
(٤) «الإنصاف» (٤/ ٥٠).

<<  <   >  >>