للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهَدْي بشاة. وهو مذهب الحنفية، وقول عند المالكية (١).

واستدلوا بما رواه: يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ، أَوْ زَيْدُ بْنُ نُعَيْمٍ - شَكَّ أَبُو تَوْبَةَ - أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُذَامٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ، فَسَأَلَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُمَا: «اقْضِيَا نُسُكَكُمَا، وَأهْدِيَا هَدْيًا، ثُمَّ ارْجِعَا حَتَّى إِذَا كُنْتُمَا بِالْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا، تَفَرَّقَا، وَلَا يَرَى وَاحِدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ، وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ أُخْرَى، فَتُقْبِلَانِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمَا بِالْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا، فَأَحْرِمَا وَأَتِمَّا نُسُكَكُمَا وَأهْدِيَا» (٢).

وروى مالك قال: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَأَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ، فَقَالُوا: يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا، حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا، ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجُّ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ. وَقَالَ عَلِيٌّ: وَإِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ، تَفَرَّقَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا (٣).

وَجْه الدلالة: أَنَّ اسْمَ الْهَدْيِ وَإِنْ كَانَ يَقَعُ عَلَى الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، لَكِنَّ الشَّاةَ أَدْنَى، وَالْأَدْنَى مُتَيَقَّنٌ بِهِ، فَحَمْلُهُ عَلَى الْغَنَمِ أَوْلَى (٤).

قال ابن قُدامة: وَأَمَّا فَسَادُ الْحَجِّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَالِ الْإِكْرَاهِ وَالْمُطَاوَعَةِ بِلَا خِلَافٍ (٥).

[المطلب الثاني: هل تجب على المرأة الفدية؟]

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: إن كانت مُطاوِعة فعليها بدنة كالرجل، وإن كانت مُكْرَهة فإنه لا يجب عليها هَدْي. وهذا مذهب المالكية والحنابلة (٦).


(١) «المبسوط» (٤/ ١١٨)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٣٥)، و «المغني» (٥/ ١٦٧).
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود في «المراسيل» (١٤٠)، ومن طريقه البيهقي (٩٨٦٤) وقال: هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ الأَسْلَمِيُّ بِلَا شَكٍّ. ويزيد: مقبول، كما في «التقريب».
وقال ابن القطان في كتابه: هذا حديث لا يصح. «نَصْب الراية» (٣/ ١٢٥).
(٣) ضعيف لانقطاعه؛ لقول مالك: (بَلَغني أن عمر … ). وبينهما مفاوز، أخرجه مالك (١١٢٦).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢١٧).
(٥) «المغني» (٥/ ١٦٨).
(٦) لكن يجب على مَنْ أَكْرَهها أن يُهْدِي عنها. «الكافي» (١/ ٣٩٩).
قال ابن قُدامة: فَأَمَّا حَالَ الْمُطَاوَعَةِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيِّ وَالضَّحَّاكِ، وَمَالِكٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: اهْدِ نَاقَةً، وَلْتُهْدِي نَاقَةً. «المغني» (٥/ ١٦٧).

<<  <   >  >>