للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعند ابن أبي شيبة بسند صحيح: عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَحُجُّ بِصِبْيَانِهِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْهُمْ أَنْ يَرْمِيَ رَمَى، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ رَمَى عَنْهُ (١).

واستدلوا بِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتِ النِّيَابَةُ عَنْه فِي أَصْلِ الْحَجِّ، فَجَوَازُهَا فِي أَبْعَاضِهِ أَوْلَى.

واستدلوا أيضًا بأن الرمي واجب لا يَسقط في حق أحد؛ ولذا فإنه يُرخَّص للمرضى وكبار السن الذين لا يستطيعون الرمي في الوكالة؛ لئلا يَفوت وقت الرمي؛ إذ لا يُشْرَع القضاء بعد فواته، بخلاف الطواف والسعي، فإنهما لا يفوتان فلا تُشْرَع النيابة فيهما.

وذهب المالكية إلى أن مَنْ استناب غيرَه جاز فعله وعليه دم؛ لأن الإنابة إنما هي لرفع الإثم، وعليه الدم لأن في البدل نقصًا عن المبدل منه فيُجبر بدم (٢).

الراجح: أن القادر على الرمي لا يَجوز له أن يُوكِّل غيره، وأنَّ مَنْ لم يستطع الرمي لعذر- يُشْرَع في حقه استنابة غيره، وأيام التشريق كلها كيوم واحد لأهل الأعذار، فإذا زال العذر في أيام التشريق فإنه يَرمي في اليوم الذي برأ فيه عن يومه الذي سبقه (٣).

الشرط الثاني: أن يكون الوكيل مسلمًا عاقلًا بالغًا،

فلا يصح أن يُوكِّل غيرَ بالغ لأن الحج في حقه نافلة، فلا يقوم بالرمي عن غيره؛ لأن البلوغ من شروط الوجوب.

الشرط الثالث: أن يكون الوكيل حاجًّا:

اشتَرط الحنابلة أن يكون الوكيل حاجًّا تلك السَّنة، وذلك لأن الرمي بعض أعمال الحج، فلا يصح الرمي إلا مِنْ حاج، ولو رمى الجمرات غير حاج فرَمْيه عبث إذ لم يصح رميه عن نفسه لأنه غير حاج، فكيف يصح رميه عن غيره؟! (٤).


(١) «مصنف ابن أبي شيبة» (١٤٣٧٤). وقد سبق تخريجه في باب شروط الحج.
(٢) «المُدوَّنة» (٢/ ٤٢٤)، و «الذخيرة» (٣/ ٢٨٠).
(٣) قال ابن تيمية: وكذلك مَنْ عَجَز عن الرمي بنفسه لمرض أو نحوه، فإنه يستنيب مَنْ يَرمي عنه، ولا شيء عليه، وليس مَنْ تَرَك الواجب للعجز كمَن تَرَكه لغير ذلك. «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٢٤٥).
(٤) «كشاف القناع» (٢/ ٣٨١) والشافعية لا يَشترطون أن يكون الوكيل حاجًّا. «المجموع» (٨/ ٢٤٥) واستدلوا بأنه إذا كانت الاستنابة جائزة في الحج كله، فكذا جائزة في بعضه وهو الرمي.

<<  <   >  >>