للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: إن كان لا يلوث المسجد كالتمر والطعام الناشف، فمباح، وإن كان يُلوِّث المسجد فيَحرم. وهو مذهب المالكية (١).

والراجح: جواز الأكل في المسجد، مع المحافظة على نظافة المسجد. فعن عبد الله بن الحارث يقول: كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ فِي الْمَسْجِدِ، الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ (٢).

القسم الثاني: الأحكام المتعلقة بالحرم،

وفيه مبحثان

[المبحث الأول: حرمة مكة]

فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ». فَقَالَ العَبَّاسُ : إِلَّا الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ» (٣).

(يُختلَى): يُقْطَع. (خَلَاها): الرَّطْب من الكلأ الذي يَنبت بنفسه.

(يُعضَد): يُكسَر ويُقطَع. (ولا يُنفَّر صيدها): لا يُزعَج من مكانه ولا يَحِل صيده. (تُلتقَط) تؤخذ. (لقطتها): ما سَقَط فيها. (إلا لمُعَرِّف) مَنْ يُعَرِّفها وينادي عليها حتى يجيء صاحبها، ولا يأخذها للتمليك. (لصاغتنا): جمع صائغ، يستعملونه لحاجتهم في الصياغة.

فالحاصل: أنه يَحرم صيد حرم مكة على الحلال والحرام، بالسُّنة والإجماع.

في الحرم قسمان:

الأول: الشجر، فيَحرم التعرض له بالقطع أو القلع إذا كان رَطْبًا.

الثاني: النبات، وهو نوعان:

النوع الأول: ما زَرَعه الآدمي كالحِنطة، فيَجوز لمالكه قَطْعه.


(١) «التاج والإكليل» (٦/ ١٣)، و «حاشية الدسوقي» (٤/ ٧٠).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه ابن ماجه (٣٣٠٠). وقال الشوكاني: وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الطَّعَامِ فِي الْمَسْجِدِ- مُتَكَاثِرَةٌ، مِنْهَا سُكْنَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فِي الْمَسْجِدِ، الثَّابِتُ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ كَوْنَهُمْ لَا مَسْكَنَ لَهُمْ سِوَاهُ يَسْتَلْزِمُ أَكْلَهُمْ لِلطَّعَامِ فِيهِ. «نَيْل الأوطار» (٢/ ١٩٠).
(٣) البخاري (١٣٤٩).

<<  <   >  >>