للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش بأن الخَلوق طِيب فيه زعفران، وقد نُهي عنه الرجال مطلقًا، مُحْرِمين وغير مُحْرِمين؛ لأجل التزعفر لا لأجل الإحرام. ولا يَخْفَى تكلفه (١).

الوجه الثاني: أن هذا الخَلوق كان في الجُبة لا في البدن.

ونوقش بأنه لو كان الطِّيب في الثياب دون البدن، لكان في الأمر بنزع الجبة كفاية، ولم يكن لقول النبي : «اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ» فائدة.

الوجه الثالث: ما قاله النووي: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الطِّيبَ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَأَمَرَ بِإِزَالَتِهِ. وَفِي هَذَا الْجَوَابِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ (٢).

ونوقش بأن لفظ الحديث يُفْهَم منه أن الرجل استَعمل الطِّيب قبل إحرامه، ولفظ مسلم: قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي أَحْرَمْتُ بِالْعُمْرَةِ وَعَلَيَّ هَذَا، وَأَنَا مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ (٣).

الوجه الرابع: أن حديث عائشة في تطيبب النبي في حجة الوداعِ- ناسخ لحديث يعلى بن أُمية المتضمن أمره بغَسْل الطِّيب من بدن الرجل وثيابه؛ لأنه كان عَقِب فتح مكة سَنة ثمانٍ، بالإجماع (٤).

فحاصل هذا الوجه أن حديث يعلى بن أُمية منسوخ بحديث عائشة، والله أعلم.

المطلب الثاني: حُكْم بقاء الطِّيب واستدامته بثوب الإحرام بعد الإحرام:

أَجْمَع العلماء على تحريم لُبس ما مسه الطِّيب حال الإحرام (٥).

واختلفوا في جواز وضع الطِّيب على الرداء قبل الإحرام واستدامته، على قولين:

القول الأول: يُمنَع الحاج من تطييب ثوب الإحرام قبل إحرامه؛ لعدم جواز استدامة


(١) «الدراية» (٢/ ٨)، و «الأم» (٣/ ٣٨٤)، و «المُحَلَّى» (٧/ ٤٨)، و «زاد المعاد» (٢/ ٢٢٣).
(٢) «المجموع» (٧/ ٢٢٢).
(٣) البخاري (٤٩٨٥)، ومسلم (١١٨٠) واللفظ له.
(٤) قال ابن عبد البر: لَا خِلَافَ أَنَّ قِصَّةَ صَاحِبِ الْجُبَّةِ كَانَتْ عَامَ حُنَيْنٍ، بِالْجِعْرَانَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَذَلِكَ سَنَةَ عَشْر. «التمهيد» (١٩/ ٣٠٦). وقال الشافعي: فَكَانَ تَطَيُّبُهُ لِإِحْرَامِهِ وَلِحِلِّهِ نَاسِخًا لِأَمْرِهِ الْأَعْرَابِيَّ بِغَسْلِ الصُّفْرَةِ. «اختلاف الحديث» (٨/ ٦٥٥).
(٥) «الإجماع» لابن المنذر (ص: ٥٣)، و «التمهيد» (١٥/ ١٢٢)، و «المغني» (٥/ ١٤٢)، وغيرها.

<<  <   >  >>