للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح: أن مَنْ مات وعليه حجٌّ واجب، بقي الحج في ذمته، ووجب الإحجاج عنه من رأس ماله؛ لأنه دَين عليه، يجب قضاؤه عنه من ماله قبل قسمة التركة؛ لعموم قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١] ولأن النبي شَبَّه وجوب قضاء الحج بدَين الآدمي، والدَّين لا يَسقط بالموت، فوجب أن يتساويا في الحُكْم (١).

[المطلب الثاني: النيابة عن الميت في حج النفل]

اختَلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: تَجوز الاستنابة في حج النفل عن الميت والحي المعضوب. وهذا مذهب الحنفية، والشافعية على الأصح، وهو رواية عن أحمد (٢).

القول الثاني: عدم الجواز مطلقًا. وهذا قول للمالكية، وقول للشافعية (٣).

واستدلوا بأن النيابة في الحج إنما شُرعت للميت أو العاجز عن الحج في الفرض فقط، فيُقتصَر عليه، وأنه إنما جازت الاستنابة في الفرض للضرورة.

ونوقش بأن ما ثَبَت في الفرض ثَبَت في النفل، إلا إذا دل دليل على التخصيص.

والراجح: مَنْ مات ولم يكن له تركة، لم يُلْزَم أحد أن يحج عنه، لكن يُستحب لوارثه أن يحج عنه، ويَجوز التبرع بالحج عن الميت، سواء من الوارث أو من الأجنبي.


(١) قالت اللجنة الدائمة (١١/ ٥١): يَجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة عن نفسه- أن يحج عن غيره، إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه؛ لكِبَر سنه أو مَرَض لا يُرْجَى برؤه، أو لكَوْنه ميتًا؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك.
(٢) «فتح القدير» (٣/ ١٤٦)، و «المجموع» (٧/ ١١٤).
لكن الشافعية قيدوا الحج عن الميت بأن يكون قد أوصى بذلك. «الإنصاف» (٣/ ٢٩٦).
(٣) «مواهب الجليل» للحَطَّاب (٤/ ٣)، وهناك قول للمالكية بالكراهة. «المجموع» (٧/ ١١٤).

<<  <   >  >>