للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الثاني: قسم يتعلق بالبيت (الكعبة)

الشرط الأول: كَوْن الطواف داخل المسجد: وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: لا يصح الطواف خارج المسجد الحرام، ولا في ساحات الحرم الخارجية، بالاتفاق (١).

المطلب الثاني: حُكْم الطواف في الأروقة مع وجود الحوائل، كالسواري ونحوها، في المسجد الحرام. وهل يَجوز التباعد في الطواف ما دام في المسجد؟

نَقَل النووي الإجماع على أنه يجوز التباعد في الطواف ما دام في المسجد (٢).

وهذا الإجماع منخرم؛ فقد اختَلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

الأول: يَجوز التباعد في الطواف ما دام في المسجد، ولا يضر وجود الحوائل كالسواري ونحوها. وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (٣).

واستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] فقد أَمَر الله بالطواف، ولم يأمر بالدنو منه، فمَن طاف من داخل المسجد في أروقة المسجد، فهو طائف.

واستدلوا لذلك بما ورد عن أُم سَلَمَة قالت: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنِّي أَشْتَكِي، قَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» فدل ذلك على أن أُم سَلَمَة لم تَدْنُ من البيت، بل كان بينها وبين الناس مصلون، فهي تطوف من وراء الناس. فدل ذلك على صحة الطواف في أروقة المسجد داخل المسجد وإن تباعد عن البيت، ما دام في المسجد.

القول الآخَر: أنه يجب الدنو من البيت، فلو طاف من وراء السواري فعليه الإعادة ما دام بمكة. وهو مذهب المالكية (٤).


(١) قال ابن المنذر: وأَجْمَعُوا على أن الطواف لا يُجْزئه من خارج المسجد. «الإجماع» (ص: ٦٩).
(٢) قال النووي: يَجُوزُ التَّبَاعُدُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ، بِالإِجْمَاعِ. «المجموع» (٨/ ٣٩).
(٣) «المبسوط» (٤/ ٤٩)، و «الأُم» (٢/ ١٧٧)، و «المغني» (٥/ ٢٢٠).
(٤) «المُدوَّنة» (١/ ٣١٨)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٨٠)، و «حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٣).

<<  <   >  >>