وذهب الحنفية إلى أن جعل البيت عن يسار الطائف واجب، وليس شرطًا، «قتح القدير» (٢/ ١٣٠).وذهب داود الظاهري إلى أنه سُنة. واستَدل بعموم الآية: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] سواء جَعَل البيت عن يساره أو يمينه.(٢) قال ابن تيمية: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّائِفَ يَبْتَدِئُ فِي مُرُورِهِ بِوَجْهِ الْكَعْبَةِ، فَإِذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ أَخَذَ إِلَى جِهَةِ يَمِينِهِ، فَيَصِيرُ الْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ وَيُكْمِلُ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ. وَهَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، الَّذِي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا، وَتَوَارَثَتْهُ فِيمَا بَيْنَهَا خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَهُوَ مِنْ تَفْسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِقَوْلِهِ: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، كَمَا فَسَّرَ أَعْدَادَ الصَّلَاةِ وَأَوْقَاتِهَا. «شرح العمدة» (٢/ ٤٣٩).(٣) «سُنن أبي داود» (٤/ ٩١).(٤) «المغني» (٥/ ٢٣٠). وقال النووي: واستدلوا بأن النَّبِيَّ ﷺ طَافَ خَارِجَ الْحِجْرِ، وَهَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الطَّوَافِ خَارِجَ الْحِجْرِ. فَالْمُعْتَمَدُ الِاقْتِدَاءُ بِفِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ، فَوَجَبَ الطَّوَافُ بِجَمِيعِهِ. «المجموع» (٨/ ٢٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute