للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بعمومات الأدلة من السُّنة والإجماع على منع المُحْرِم من الطِّيب، والبخور من جملة أنواع الطِّيب الذي حُظر على المُحْرِم استعماله، وأنه يَصدق على مَنْ تَبَخَّر أنه تَطيَّب. وإذا كان المقصود من الطِّيب هو الاستمتاع برائحته، فالبخور أَوْلَى بالتحريم.

المبحث الخامس: بقاء الطِّيب بعد الإحرام: وفيه مطلبان:

أَجْمَع العلماء على تحريم وضع الطِّيب في الثوب والبدن بعد الإحرام، وتجب به الفدية، واختلفوا فيمن تَطَيَّب قبل إحرامه ثم بقي الطِّيب واستدام، ولا يخلو من أن يكون بالبدن أو الثوب.

المطلب الأول: حُكْم استدامة الطِّيب في البدن الذي كان قبل الإحرام:

اختَلف أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: استحباب التطيب في البدن لا في الثياب، قبل الدخول في الإحرام؛ استعدادًا له، ولو بقي جِرمه بعد الإحرام. وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (١).

واستدلوا لذلك بالسُّنة والمعقول:

أما السُّنة، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ» (٢).

وَجْه الدلالة: (كُنْتُ أُطَيِّبُ .... لِإِحْرَامِهِ) أي: بعد اغتسال النبي تضع الطِّيب على بدنه، قبل أن يَلبس ملابس الإحرام.

وَعَنْها أَيْضًا قَالَتْ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ» (٣).

وَجْه الدلالة: أن النبي كان يضع الطِّيب في مَفْرِق رأسه قبل الإحرام، وعائشة كانت تَرى بريق الطِّيب في مَفْرِق رأسه وهو مُحْرِم . فهذا دليل على جواز استدامة الطِّيب في البدن إذا كان قبل الإحرام.


(١) «تبيين الحقائق» (٢/ ٩)، و «الحاوي» (٤/ ١٧٧)، و «المجموع» (٧/ ٢٢١)، و «المغني» (٥/ ٧٧).
(٢) رواه البخاري (١٥٣٩)، ومسلم (١١٨٩).
(٣) رواه البخاري (٢٧١)، ومسلم (١١٩٠). (وبيص الطِّيب): أي بَريقه. و (مَفْرِق): حيث يُفْرَق فيه الشَّعر.
وقد تفرد الْحَسَن بْن عُبَيْدِ اللهِ: فقال «وَبِيصِ الْمِسْكِ» وقد خولف من الثقات الأثبات فقالوا،: «وَبِيصِ الطِّيبِ» وليس المسك، منهم الحَكَمُ عند البخاري (٢٧١)، ومسلم (١١٩٠) ومنصور، والأعمش كلاهما عند مسلم، وغيرهم كثير عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ به.

<<  <   >  >>