للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني آداب السفر في الطريق للحج والعمرة،]

وفيه ثمانية مباحث:

[المبحث الأول: استحباب السفر يوم الخميس، وفيه مطلبان]

المطلب الأول: يُستحَب للمرء أن يكون سفره يوم الخميس، فعن كعب أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَخْرُجُ، إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ، إِلَّا يَوْمَ الخَمِيسِ (١).

المطلب الثاني: توقيت مَخرج النبي من المدينة لحجته:

عَنْ عَائِشَةَ تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ (٢).

فخرج رسول الله ، لخَمْس بَقِينَ مِنْ ذي القَعْدَة، وأولُ ذي الحجة بلا شك يوم الخميس؛ وذلك لأن الوقوف بعرفة كان يوم الجمعة بلا خلاف.

وقد حَدَث إشكال هنا، ووَجْه الإشكال: أنه لو كان خروجه لحجته لخَمْس بَقِينَ مِنْ ذي القَعْدة، لكان خروجه بلا شك يوم الجمعة، وهذا خطأ؛ لأن الجمعة لا تُصَلَّى أربعًا، ففي «الصحيحين»: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ.

وقد ذَكَر أنس أنهم صَلَّوُا الظُّهر معه بالمدينة أربعًا (٣).

ولذا رَجَّح ابن حزم أن مَخرج النبي لحجته يوم الخميس. واستَدل بحديث كعب ابن مالك … وَبَطَلَ خُرُوجُهُ يَوْمَ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ خَارِجًا مِنَ


(١) «صحيح البخاري» (٢٩٤٩).
(٢) رواه البخاري (١٧٠٩)، ومسلم (١٢١١). ورواه البخاري (١٥٤٥) عن ابن عباس.
(٣) وأُشيرُ إلى أن هناك كتابًا، وهو «مُشكل أحاديث المناسك» للشيخ خالد بن سليمان آل مهنا. وهو بحث جيد ونافع وماتع في بابه! فقد جَمَع بين بعض الأحاديث في المناسك التي ظاهرها التعارض، ورَجَّح ما يقتضي الدليل رجحانه، وقد استفدتُ من هذا البحث كثيرًا، فاللهَ أسأل أن ينفع به وببحثه الإسلام والمسلمين، وأن يجمعني وإياه مع سيد الأنبياء والمرسلين.

<<  <   >  >>