للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول

فضائل يوم عرفة، وحُكْم الوقوف بها.

وفيه أربعة مباحث:

[المبحث الأول: التعريف بيوم عرفة]

عرفات: اسم للبقعة المعروفة، التي يجب الوقوف بها، ويوم عرفة يوم الوقوف بها (١).

ويطلق على المكان، ويراد به جبل عرفة، وهو المكان الذي يؤدي فيه الحُجاج ركن الحج الأكبر، وهو الوقوف بعرفة. وتقع شرقي الحرم، بحوالي اثنين وعشرين كيلو مترًا.

يُطْلَق عرفة على الزمان، ويراد به يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة.

المبحث الثاني: فضائل يوم عرفة: وفيه ثلاثة مطالب:

[المطلب الأول: فضل يوم عرفة للحاج]

يوم عرفة يوم عتق من النيران، وتَجاوُز عن الخطايا والأوزار، ويباهي الله بأهل عرفة الملائكة؛ لِما روت عائشة أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟» (٢).


(١) «معجم الفروق اللُّغوية» (ص: ٣٥٥).
وسُمي (يوم عرفة) لأن الحُجاج يقفون في هذا اليوم على جبل عرفة.
وقيل: سُمي بذلك لأن آدم وَجَد حواء بعد ما أُهبِطا وافترقا، فلم يجتمعا سنين، ثم التقيا يوم عرفة.
وقيل: لأَن جبريل عَرَّف إبراهيمَ فيها المناسك. ويحتمل أَنْ يكون لتَعارُف الناس فيها.
وقيل: لأن العرب تسمي ما ارتفع: (عرفة) فسُمي عرفة لعلو الناس فيها على جبالها.
وقيل: سُميت (عرفة) لأن الناس يَعترفون بذنوبهم، ويَسألون الله المغفرة.
وقيل: هي مأخوذة مِنْ العَرْف، وهو الطِّيب، قال الله تعالى: ﴿عَرَّفَها لَهُمْ﴾ [محمد: ٦] أي: طَيَّبَهَا، فهي طَيِّبَة، بخلاف مِنًى التي فيها الفُرُوث والدماء.
وكثير من هذه الأقوال لم أقف لها على دليل صحيح. انظر: «تحرير ألفاظ التنبيه» للنووي (ص: ١٢٨)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٤١٥)، و «يوم عرفة» (ص: ٢٠) لفالح الصغير.
(٢) رواه مسلم (١٣٤٨). وقد انتُقد هذا الحديث على مسلم لأن مخرمة لم يسمع من أبيه. قال الإمام أحمد: مخرمة بن بكير ثقة، إلا أنه لم يسمع من أبيه شيئًا. "العلل" رواية عبد الله (٢/ ٤٨٩). وقال ابن حجر: وروايته عن أبيه وجادة من كتابه، قاله أحمد، وابن معين، وغيرهما، وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلًا. "تقريب التهذيب" (ص ٥٢٣). وقال العلائي: أخرج له مسلم عن أبيه عدة أحاديث، وكأنه رأى الوجادة سببًا للإتصال، وقد انتقد ذلك عليه. "جامع التحصيل" (ص ٢٧٥).
قوله: «يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ» قال ابن عبد البر: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مَغْفُورٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاهِي بِأَهْلِ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ التَّوْبَةِ وَالْغُفْرَانِ. «التمهيد» (١/ ١٢٠).

<<  <   >  >>