للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذهب الحنفية إلى أن الواجب في المزدلفة هو الوقوف ما بين طلوع الفجر من يوم النحر وطلوع الشمس، فمَن وَقَفَ خلال هذا الوقت ولو لحظة واحدة، فقد قام بالواجب.

وذهب المالكية إلى أن الواجب من المبيت بمزدلفة هو النزول بمزدلفة في أي جزء من أجزاء الليل، فقضاء أي جزء من الليل كافٍ في المبيت بمزدلفة بقَدْر حط الرحال في ليلة النحر وصلاة العشاءين، فإن لم يَنزل فعليه دم.

القول الآخَر: أن المبيت الواجب هو معظم الليل، فيَجوز الدفع من مزدلفة إلى مِنًى بعد غياب القمر. وهذا قول للشافعية، ورواية عن أحمد. وهذا هو الراجح لحديث أسماء.

المبحث السادس: وقت وجوب الوقوف مزدلفة:

اختَلف أهل العلم في ذلك على أربعة أقوال:

الأول: أنه يَبدأ وقت أداء النسك الواجب من أول الليل، وينتهي بطلوع فجر يوم النحر، فبعد الفجر ليس وقتًا للواجب. وهو قول المالكية (١).

الثاني: أنه يَبدأ وقت وجوب أداء النسك الواجب من منتصف الليل، وينتهي بطلوع فجر يوم النحر. وهو مذهب الشافعية والحنابلة (٢).

الثالث: أنه يَبدأ وجوب أداء النسك الواجب من منتصف الليل، وينتهي بطلوع شمس يوم النحر. وهو قول بعض المالكية وبعض الشافعية وابن تيمية (٣).

الرابع: أنه يَبدأ وقت وجوب أداء النسك الواجب من طلوع الفجر، وينتهي بطلوع شمس يوم النحر. وهو مذهب الحنفية (٤).

والراجح: أن ابتداء الوجوب من أول الليل؛ فظاهر سُنة النبي يدل على أن بداية


(١) «المُدوَّنة» (٢/ ٤١٧)، و «مواهب الجليل» (٣/ ١١٩)، و «مِنَح الجليل» (١/ ٤٨٩).
(٢) قال الشافعي: وَمُزْدَلِفَةُ مَنْزِلٌ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ رَجُلٌ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَلَمْ يَعُدْ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، افْتَدَى. «الأم» (٣/ ٥٤٩)، و «الشرح الكبيرعلى المقنع» (٣/ ٤٤٢).
(٣) «المسلك المتقسط» (ص: ٣١٠)، و «مواهب الجليل» (٣/ ١١٩)، و «شرح العمدة» (٢/ ٦١١).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٦)، و «فتح القدير» (٢/ ٤٨٤).

<<  <   >  >>