للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الاستئجار على الحج]

يَجوز الاستئجار على الحج. وهو مذهب المالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد (١).

واستدلوا بأنه إذا كان أَخَذ أصحابُ النبي الجُعْل على الرُّقْية بكتاب الله، فأَخْذ الجُعْل على القُرَب التي تَدخلها النيابة أَوْلَى، كالحج والعمرة (٢).

واستدلوا بأن الاستئجار على الحج عليه عمل الناس، ولا يسعهم إلا القول به؛ لأن القول بمنعه يُفضِي إلى سد باب النيابة نهائيًّا؛ لندور النيابة على سبيل التبرع (٣).

المبحث الرابع: هل يُشترَط أن يكون النائب قد حج عن نفسه حج الفريضة؟

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: يُشترَط في النائب أن يكون قد حج حجة الإسلام عن نفسه أولًا، وإلا كانت الحَجة عن نفسه. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (٤).

واستدلوا بما رواه ابن عباس، أَنَّ النَّبِيَّ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ! قَالَ: «حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» (٥).


(١) يَجوز عند المالكية مع الكراهة؛ ولهذا فالمنصوص عن مالك كراهة إجارة الإنسان نفسه في عمل لله تعالى، حجًّا كان أو غيره، ويقول في ذلك: «لأَنْ يُؤاجِر الرجلُ نفسه في عمل اللبن وقَطْع الحطب وسَوْق الإبل- أَحَبُّ إليَّ من أن يَعمل عملًا لله بأجرة». «مواهب الجليل» (٤/ ٤)، و «الحاوي» (٤/ ٢٥٧)، و «المغني» (٥/ ٢٣) و «الفتاوى» (٢٦/ ١٨).
(٢) روى البخاري (٥٧٣٧) من حديث ابن عباس أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ- أَوْ: سَلِيمٌ- فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا- أَوْ: سَلِيمًا-! فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا؟! حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ».
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٤)، و «الشرح الممتع» (١٠/ ٥٧، ٥٨).
(٤) «الحاوي» (٤/ ٢١)، و «المغني» (٥/ ٤٢).
(٥) ضعيف، أُعِل بالوقف، وله ثلاثة طرق عن ابن عباس، واختُلف في رفعه ووقفه:
الأول: مداره على ابن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن عَزْرَة، عن ابن جُبَيْر، عن ابن عباس.=

<<  <   >  >>