للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحابه، والعبادات مبناها على التوقيف كمواقيت الصلاة، ولا يُعبَد الله إلا بما شَرَع.

فعدم الرمي قبل الزوال هو فِعل النبي الأمين، وفِعل صحابته الغُر الميامين، وقول عامة السلف حتى عهد قريب (١).

ومع الجهد الرائع الذي بَذَلَتْه بلاد الحرمين، من تنظيم منطقة الجمرات، وجَعْل مسارات مستقلة لكل اتجاه، والأدوار المتتابعة؛ مما نتج عن ذلك بعون الله سهولة رمي الجمار، مع الابتعاد عن أوقات الزحام. ومع حُسن التنظيم، فينبغي أن يكون هناك تفويج للحُجاج بالقرعة في أوقات محددة.

وقد صَدَر قرار بذلك من هيئة كبار العلماء، وفيه عدم جواز رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال؛ لفِعله وقال: «لتأخذوا مناسككم» ولقول ابن عمر أيام التشريق: «كُنَّا نَتَحَيَّنُ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا». ومعلوم أن النبي أعلم الناس وأنصح الناس وأرحمهم، فلو كان جائزًا قبل الزوال لبَيَّنه (٢).

[المبحث الثالث: رمي الجمار في الليل]

اتَّفَق أهل العلم على أن مَنْ رَمَى الجمار قبل مغيب الشمس، فقد رماها في وقتها (٣)

ولكن لو فات النهار، هل يَجوز له أن يرميها ليلًا أم لا؟

اختَلف العلماء في تحديد نهاية وقت رمي الجمار، هل بغروب الشمس أو بطلوع فجر اليوم الثاني؟ على قولين:

القول الأول: جواز الرمي ليلًا، وأن آخِر وقت رمي الجمار هو طلوع فجر اليوم التالي. وهذا مذهب الحنفية، وقول للمالكية، وقول عند الشافعية، وقول عند الحنابلة (٤).


(١) قال شيخ الإسلام: « … الحَاجَّ يَرْمِي الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ أَيَّامَ مِنًى الثَّلَاثَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَهَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي تَنَاقَلَتْهُ الْأُمَّةُ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ عَنْ نَبِيِّهَا ». «شرح العمدة» (٢/ ٥٥٧).
(٢) «بيان هيئة كبار العلماء» (٢٥/ ٣٨٨، ٣٨٩).
(٣) «المغني» (٥/ ٢٩٥).
(٤) «المبسوط» (٤/ ٦٤)، و «مواهب الجليل» (٣/ ١٣٥)، و «الأم» (٢/ ٣٣٣)، و «مسائل ابن هانئ» (١/ ١٧٨).

<<  <   >  >>