للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول: شروط الحج]

الشرط الأول: الإسلام، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: حُكْم حج الكافر:

لا يجب الحج على الكافر، ولا يصح منه، ولا يجزئ عنه إن وقع منه.

ودل على ذلك النص والإجماع:

أما النص، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ٥٤].

وَجْه الدلالة: أنه إذا كانت النفقات لا تُقْبَل منهم لكفرهم، مع أن نفعها مُتَعَدٍّ، فالعبادات الخاصة أَوْلَى ألا تُقْبَل منهم، والحج من العبادات الخاصة، فلا يُقْبَل من كافر.

وأما الإجماع، فلا خلاف أنه لا يصح حجُّ مَنْ ليس بمسلم (١).

المبحث الثاني: " مَنْ حج الفريضة، ثم ارتد ثم تاب وأسلم، فهل يجب عليه الحج من جديد؟

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: لا تجب عليه حجة الإسلام مُجدَّدًا بعد التوبة عن الردة. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (٢).

القول الآخَر: مَنْ حج الفريضة، ثم ارتد ثم تاب وأسلم، عليه أن يُعِيد الحج والعُمرة. وهو قول الحنفية والمالكية.

واحتجوا بقول الله تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: ٦٥].


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٨٣).
وقال النووي: فَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ لَا يُطَالَبُ بِالحَجِّ فِي الدُّنْيَا، بِلَا خِلَافٍ، فَإِذَا اسْتَطَاعَ فِي حَالِ كُفْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ، إِلَّا أَنْ يَسْتَطِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ فِي الْكُفْرِ لَا أَثَرَ لَهَا. وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ. «المجموع» (٧/ ١٩).
(٢) «المجموع» (٧/ ٩)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٧٥)، و «كَشَّاف القناع» (٢/ ٣٧٨).

<<  <   >  >>