للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ مَالِكٌ: إنْ شَاءَ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ كُلَّمَا مَرَّ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَسْتَلِمْ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ مَنْ لَا يَطُوفُ، يَسْتَلِمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ طَوَافٍ (١).

والحاصل: أنه لم يَثبت عن رسول الله استلام الحجر الأسود من غير طواف.

المطلب الخامس: عدم الوقوف في محاذاة الحَجَر في كل شوط، إن لم يكن ثَم زحام:

اتَّفَق العلماء على أن السُّنة استلام الحَجَر الأسود في ابتداء الطواف وفي كل شوط، إن لم يكن ثَم زحام وإيذاء.

فإن كان ثَم زحام وإيذاء، فإنه يُكبِّر. وهل يَستقبل الحَجَر ويشير إليه مع التكبير، أم لا؟

اختَلف العلماء في حُكم الوقوف في محاذاة الحجر لاستقبال الحجر، على قولين:

الأول: يُشْرَع مع التكبير استقبال الحَجَر والإشارة إليه. وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا بعموم قول النبي : «يَا عُمَرُ، إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ، لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ، إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ وهَلِّلْ وَكَبِّرْ» (٣).

واعتُرض عليه بأن هذا الحديث لا يصح، وأن لفظة الاستقبال مُنكَرة.

القول الآخَر: يَقتصر على التكبير دون استقبال أو إشارة (٤).

والراجح: أنه لم يَثبت سوى الإشارة مع التكبير؛ لِما روى ابن عباس قال:


(١) «المُدوَّنة» (١/ ٤١٩)، و «مواهب الجليل» (٤/ ١٥٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٧)، و «المجموع» (٨/ ٤٠)، و «المغني» (٥/ ٢١٤).
(٣) أَصْل الحديث ضعيف، ولفظة الاستقبال منكرة؛ لمخالفة مَنْ رواها أكثرَ الرواة، فلم يروها سوى الوضاح اليشكري عن وَقْدان عند البيهقي (٩٣٣٥) وكذا رواها وَكِيع عن سفيان، عند أحمد (١٩٠).
وخالفه عبد الرزاق (٨٩١٠) ويحيى القَطَّان عند الطبري في «تهذيب الآثار» (١٠٨) فروياه عن الثوري عن وقدان، به، بدون هذه اللفظة. وقد تابع الثوريَّ بدون تلك اللفظة ابنُ عُيينة عند عبد الرزاق (٨٩١٠) وأبو الأحوص عند ابن أبي شيبة (١٣٣١٦).
(٤) قال مالك: يُكَبِّرُ وَيَمْضِي، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ. «المُدوَّنة» (١/ ١٦٥).

<<  <   >  >>