للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: أشهر الأحاديث الضعيفة في فضل عرفة:

اشتهرت على ألسنة الوعاظ أحاديث نُسبت إلى رسول الله كذبًا وبهتانًا.

منها: حديث: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةً فِي غَيْرِهَا» (١).

ومنها: حديث: «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ، وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ» (٢).

المبحث الثالث: ما المراد بالوقوف؟

المراد من الوقوف بعرفة: وجود الحاج في أرض عرفة ولو لحظة، بنِيَّة الوقوف، سواء كان واقفًا أو جالسًا أو راكبًا. ووَقْت هذا الوقوف من زوال الشمس يوم التاسع، حتى طلوع الفجر يوم العاشر (يوم النحر) وهي الآن محدودة بأعلام واضحة كبيرة، وهي لمبات خضراء، وذلك مبني على علم من لجان حكومية من العلماء وغيرهم.

المبحث الرابع: حُكْم الوقوف بعرفة:

الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم، لا يَتم الحج ولا يصح إلا به، ومَن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج بالإجماع (٣). قال : «الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» (٤).


(١) باطل لا أصل له، قال ابن حجر: وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ رَزِينٌ فِي «جَامِعِهِ» مَرْفُوعًا … فَهُوَ حَدِيثٌ لَا أَعْرِفُ حَالَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ صَحَابِيَّهُ وَلَا مَنْ أَخْرَجَهُ. «فتح الباري» (٨/ ٢٧١). وقال ابن ناصر الدين الدمشقي: حديث باطل لا يصح. في جزء «فضل يوم عرفة» (ص: ١٦٤). وقال ابن القيم: أَمَّا مَا اسْتَفَاضَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامِّ بِأَنَّهَا تَعْدِلُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ حَجَّةً، فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ. «زاد المعاد» (١/ ٦٥).
(٢) مرسل: أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٥٦٤)، وهو مرسل، فطلحة بن عُبيد الله تابعي ثقة من الثالثة. وإن كان وصله البيهقي في «الشُّعَب» (٤٠٧٠) ولكن في إسناده أحمد بن أيوب، ولعله محمد بن أيوب، قال فيه أبو زُرْعَة: رأيته قد أَدْخَل في كتب أبيه أشياء موضوعة. وقال ابن حِبان: لا تَحِل الرواية عنه.
(٣) قال ابن عبد البر: وَأَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَبِكُلِّ مِصْرَ- أَنَّهُ فَرْضٌ لَا يَنُوبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَأَنَّهُ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِهِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ، فَلَا حَجَّ لَهُ. «التمهيد» (١٠/ ٢٠).
وكذا نَقَل الإجماع: ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٥٧)، وابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤٢)، والنووي في «المجموع» (٨/ ١٠٢، ١٠٣). وابن قُدامة في «المغني» «٥/ ٢٦٧» وغيرهم كثير.
(٤) صحيح: أخرجه أحمد (١٨٧٧٣)، وأبو داود (١٩٤٠)، والترمذي (٨٨٩)، وغيرهم، من طرق عن سفيان الثوري وشُعبة، كلاهما: عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبدِ الرَّحمَنِ بْنِ يَعْمُرَ، به.
قال الترمذي: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَهَذَا أَجْوَدُ حَدِيثٍ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ. وقال الذُّهْلِيُّ: مَا أُرَى لِلثَّوْرِيِّ حَدِيثًا أَشْرَفَ مِنْهُ. قال وَكِيع: هَذَا الحَدِيثُ أُمُّ المَنَاسِكِ. «سُنن الترمذي» (٢/ ٤٠٠).

<<  <   >  >>