للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فأُم سلمة شَكَتْ ولم يَعذرها بشكواها، بل أَمَرها أن تطوف راكبة.

الثاني: أن مَنْ لم يستطع أن يطوف للوداع بنفسه أو محمولًا، يَسقط عنه طواف الوداع

عند الحنفية وبعض الشافعية (١).

فالحاصل: أنه إذا كان يستطيع أن يطوف للوداع بنفسه أو محمولًا، فلا يَسقط عنه طواف الوداع بحال، وإذا كان لا يستطيع أن يطوف للوداع بنفسه أو محمولًا، فإنه يَفدي، وهذا أحوط للدين وأبرأ للذمة، والله أعلم.

الشرط الثالث: أن يكون طواف الوداع عند وداع الحرم: وفيه مطلبان:

المطلب الأول: بداية وقت طواف الوداع:

اختَلف أهل العلم في بداية وقت طواف الوداع على قولين:

القول الأول: أن وقت طواف الوداع يَبدأ من نهاية أعمال مِنًى، فإذا رمى الحاج في اليوم الثاني عشر إذا كان متعجلًا، أو في اليوم الثالث عشر إذا لم يتعجل، فإنه يَبدأ طواف الوداع ليكون آخِر عهده بالبيت. وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة (٢).

القول الآخَر: ذهب الحنفية إلى أن وقت طواف الوداع يَبدأ بعد طواف الإفاضة إذا كان عَزَم على السفر (٣).

ونوقش بأن طواف الوداع يكون بعد انتهاء أعمال الحج ومغادرة الحَرَم؛ لعموم قول النبي : «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ».

المطلب الثاني: حد البقاء بعد طواف الوداع، أو حُكْم مَنْ طاف طواف الوداع ثم مكث بمكة أو اشتغل بتجارة، فهل يعيد الطواف أم لا؟

اختَلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن مَنْ طاف طواف الوداع فلا يمكث بعده، فإن مكث بعده أو أقام أعاده، إلا إذا مكث مكثًا يسيرًا لانتظار رفقة أو نحو ذلك. وبه قال صاحبا أبي حنيفة، وهو


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٢)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٣١٧).
(٢) «حاشية الدسوقي» (٢/ ٥٣)، و «المجموع» (٨/ ٢٥٥)، و «المغني» (٣/ ٣٣٧).
(٣) «بدائع الصنائع» (١/ ١٤٣).

<<  <   >  >>