للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمهيد:

سُمي طواف الوداع؛ لأنه شُرِع لتوديع البيت ومفارقته (١).

المبحث الأول: حُكْم طواف الوداع:

اختَلف أهل العلم في حُكْم طواف الوداع على قولين:

القول الأول: أن طواف الوداع واجب، ويجب بتركه دم، إلا أنه يُعْفَى عن المرأة الحائض. وبه قال الحنفية، وهو الصحيح عند الشافعية، والمشهور عند الحنابلة (٢).

ففي «الصحيحين» من حديث ابن عباس قال: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ» (٣).

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- أَيْضًا- قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِى كُلِّ وَجْهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» (٤).

وَجْه الدلالة: ما قاله الشوكاني: وَقَدِ اجْتَمَعَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ أَمْرُهُ بِهِ، وَنَهْيُهُ عَنْ تَرْكِهِ، وَفِعْلُهُ الَّذِي هُوَ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ الْوَاجِبِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ (٥).

قال ابن قُدامة: تَخْصِيصُ الْحَائِضِ بِإِسْقَاطِهِ عَنْهَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى غَيْرِهَا؛ إِذْ لَوْ كَانَ سَاقِطًا عَنِ الْكُلِّ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِهَا بِذَلِكَ مَعْنًى (٦).

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «لَا يَصْدُرَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ؛ فَإِنَّ آخِرَ النُّسُكِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ» (٧).


(١) ويطلق عليه (طواف الصَّدْر) لأَنه عند صدور الناس من مكة، و (طواف الخروجِ)، و (طواف آخِر عهد بالبيت)، و (طواف الرجوع). «المغني» (٥/ ٣٣٧)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٠٤)، و «المجموع» (٨/ ٢٧١)، و «المغني» (٣/ ٣١٦).
(٣) البخاري (١٧٥٥)، ومسلم (٣٢٨٤).
(٤) مسلم (١٣٢٧).
(٥) «نيل الأوطار» (٥/ ١٠٦)، و «فتح الباري» (٣/ ٥٨٥).
(٦) «المغني» (٥/ ٣٣٧).
(٧) إسناده صحيح: أخرجه مالك (١٠٧٩) عن نافع، عن عبد الله بن عمر، به.

<<  <   >  >>