للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو منكر، ومُخالِف لإجماع المسلمين (١).

المطلب الثاني: الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته في الأضحية.

روى مسلم: عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ:


=
وفي إسناده الحسين بن واقد، وإن كان قد يُحَسَّن حديثه في الجملة، ولكن قال أحمد: في أحاديثه زيادة لا أدري أيش هي. وقد تفرد الحسين بن واقد بلفظ: «وَفِي الجَزُورِ عَشَرَةً» ومِثله لا يُتحمل تفرده، بل يُعَد ما تفرد به منكرًا، ويدل على نكارته أن المستفيض المشهور في الصحيح وغيرهما: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.
وأشار الترمذي في «سُننه» (٢/ ٢٢٣)، والدارقطني في «أطراف الغرائب والأفراد» (٣/ ٢٤٩)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (٨/ ١١٤) إلى إعلال الحديث بتفرد الحسين بن واقد، به.
وله شاهد عنِ المِسْوَر، ومَرْوَان، وفيه: (فَكَانَتْ كُلُّ بَدَنَةٍ عَنْ عَشَرَةٍ) أخرجه أحمد (١٨٩١٠).
وعلة هذا الخبر محمد بن إسحاق، وإن كان صدوقًا فإنه لا يُحتجّ بما انفرد به، فكيف إذا خالف؟!
قال الطحاوي: «لم نجد أحدًا ممن روى هذا الحديث عن الزُّهْري تَابَع محمد بن إسحاق على ما رواه عليه من عدد الناس الذين كانوا حينئذٍ مع رسول الله ، وأنهم كانوا سَبعمِائة، فمَن خالفه في ذلك، وذَكَر أنهم بضع عَشْرة مِائة: مَعْمَر بن راشد، وسفيان بن عُيينة» «شرح مشكل الآثار» (٧/ ٦)، وكذا قال البيهقي في «السُّنن الكبرى» (١٠/ ٤٦٥).
وقال ابن كَثير: «الرِّوَايَاتِ كُلَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، مِنْ أَنَّ أَصْحَابَ الحُدَيْبِيَةِ كَانُوا سَبْعَمِائَةٍ». «البداية والنهاية» (٤/ ١٩٦).
والمحفوظ في عدد الصحابة يوم الحُديبية ما رواه البخاري (١٦٩٤): «فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً».
وعند مسلم (١٩٠٤): عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةً.
وصح عن جابر أيضًا أنهم كانوا ألفًا وخَمسمِائة، كما في «الصحيحين» وغيرهما.
وفي «الصحيحين»: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى : كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلَاثَمِائَةٍ.
وكل هذه الأعداد متقاربة ولا خلاف فيها، وهذه الروايات تدل على ما ورد في رواية ابن إسحاق، من أنهم كانوا سَبعمِائة من أوهامه.
(١) قال ابن عبد البر: أَجْمَعْتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْبَدَنَةَ وَالْبَقَرَةَ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ. «الاستذكار» (١٥/ ١٩٠).

<<  <   >  >>