للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَتْلِ الصَّيْدِ قَالَ: عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ. قَالَ: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ ﷿؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] وَهَذَا مِثْلٌ، وَمَنْ قَالَ: (عَلَيْهِ مِثْلَانِ) فَقَدْ خَالَفَ مَعْنَى الْقُرْآنِ (١).

المبحث الرابع: الجزاء في الصيد: وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعريف المِثلي:

المِثلي: ما كان له مِثْل من النَّعَم، مُشَابِه في الخِلْقة والصورة، للإبل أو البقر أو الغنم.

المطلب الثاني: ما المُعتبَر في جزاء قتل الصيد: المِثل أم القيمة؟

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن الواجب في الجزاء هو المِثل، أي: ما كان له مِثْل من النَّعَم، أي: مُشابِه في الخِلْقة والصورة، للإبل أو البقر أو الغنم. وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وذلك فيما له نظير من النَّعَم (٢).

القول الآخَر: أن المُحْرِم إذا قَتَل صيدًا، فعليه قيمة الصيد في الموضع الذي قَتَله فيه، أو أقرب المواضع منه. وهو مذهب الحنفية (٣).

واستدلوا بقوله تعالى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] (مِثْل) أي: قيمة الصيد، ولو كان نظير ذلك من النَّعَم، لم يفتقر إلى حُكْم عدلين.

ونوقش بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ فِي الْمِثْلِ فِي النَّعَمِ أَخْفَى مِنَ الْاجْتِهَادِ فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ يَعْرِفُهَا سُوقَةُ النَّاسِ، وَالْمِثْلُ إِنَّمَا يَعْرِفُهُ عُلَمَاؤُهُمْ، فَكَانَ بِاجْتِهَادِ عَدْلَيْنِ أَوْلَى (٤).

والراجح: أن الواجب في الجزاء هو المِثل، أي: ما كان له مِثْل من النَّعم، أي: مُشَابِه في الخِلْقة والصورة، للإبل أو البقر أو الغنم؛ لقوله تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥].

والذي يُتصوَّر أن يكون هَدْيًا هو ما كان مِثل المقتول من النَّعَم: الإبل أو البقر أو


(١) «الأم» للشافعي (٣/ ٥٣٤).
(٢) «الذخيرة» (٣/ ٣٣١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١٥٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٦٣).
(٣) «المبسوط» (٤/ ٨٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٦٣).
(٤) «الحاوى الكبير» (٤/ ٧٣٧).

<<  <   >  >>