للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرط الرابع: اشتراط أن يكون النائب قد رمى عن نفسه، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: هل يُشترَط أن يكون النائب قد رمى عن نفسه جميع الجمار.

اختَلف العلماء في اشتراط ذلك على قولين:

القول الأول: لا يُشترَط ذلك، وأنه يَجوز للوكيل أن يَرمي عن نفسه كل جمرة وحدها، ثم يَرمي عن موكله. وهذا مذهب الحنفية والمالكية، وهو وَجْه للشافعية (١).

القول الآخَر: يُشترَط أن يكون النائب قد أتم رمي الجمرات الثلاث عن نفسه، ثم يعود فيَرمي عن موكله. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وهو قول للمالكية (٢).

واستدلوا بأن أصل الحج لم يصح عن الغير حتى يحج عن نفسه، فكذا الرمي لا يصح عن الوكيل إلا بعد أن يُتِم الرمي عن نفسه؛ لأنه بعض الحج.

ونوقش بأن حديث: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» ضعيف ولا يصح.

والراجح: أن الوكيل يَرمي عن نفسه سبع حصيات أولًا، ثم يرمي عن موكله سبع حصيات عند كل جمرة في موقف واحد؛ لأن تكليف النائب رمي الجمرات الثلاث عن نفسه أولًا، ثم يعود فيَرمي عن موكله- فيه مشقة وحرج، والله رَفَع الحرج. ولم يُنقَل اشتراط ذلك عن أصحاب رسول الله حين رَمَوْا عن صبيانهم، ولو فعلوا ذلك لنُقل؛ لأنه مما تتوافر الهمم على نقله.

المطلب الثاني: حُكْم سفر المعذور قبل رمي وكيله.

مَنْ وَكَّل عن الرمي وسافر قبل رمي الوكيل لا يخلو من حالين:

الأول: أن يكون توكيله بلا عذر، بأن كان قادرًا على الرمي، فالتوكيل غير جائز؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، فيجب عليه دم؛ لتَرْكه واجبًا للحج.

الحال الآخَر: أن يكون التوكيل بعذر، فمَن كان موعد سفره في الطائرة في اليوم الثاني عشر، وقد يتضرر بتأجيل السفر، فله أن يُوكِّل، ولا يَجوز له أن يطوف للوداع قبل رمي الوكيل، وعليه دم وذلك لوقوع طوافه في غير وقته؛ لأنه يكون بعد انتهاء رمي الجمرات.


(١) «فتح القدير» (٢/ ٤٩٨)، و «التاج» (٣/ ١٣٥)، و «الكافي» (١/ ٤١٠)، و «الحاوي» (٤/ ٢٠٤).
(٢) «المُدوَّنة» (١/ ٤٣٧)، و «الأم» (٢/ ٢١٤)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٨١).

<<  <   >  >>