القول الثالث: أن الابتداء من الحَجَر الأسود سُنة، ولكن على أن ينتهي الشوط الأول من حيث ابتدأ. وبه قال أبو حنيفة في المشهور عنه (١).
والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء، من أن الابتداء من الحَجَر الأسود شرط لصحة الطواف، وأن الشوط الذي يُبتدأ به بعد الحَجَر الأسود باطل؛ لمواظبة النبي ﷺ على ذلك، ولقوله ﷺ: «خذوا عني مناسككم».
مشروعية الخط المشير إلى الحَجَر الأسود في صحن المطاف:
اختَلف أهل العلم في مشروعية الخط المشير إلى الحجر على قولين:
القول الأول: أن هذا الخط بدعة. وهو قول بكر أبو زيد.
واستَدل بأن النبي ﷺ حج في العام العاشر، وحَجَّ معه مِائة ألف، ولم يضع النبي ﷺ علامة يَستدلون بها على محاذاة الحَجَر الأسود، ولو كان يَجوز ذلك لفَعَله النبي ﷺ.
القول الآخَر: أن هذا الخط مشروع. وهو قول ابن عثيمين.
وهذه المسألة لا داعي للإطالة فيها؛ لأن هذا الخط قد أزيل بحمد الله، وقد ترتب على إزالته تخفيف الزحام وراحة للحُجاج. ولا شك أن هذا ببركة اتباع سُنة النبي ﷺ.
والآن توجد لمبة خضراء تشير للمحاذاة، ومعرفة بداية الطواف ونهايته.
ويُقترح أن تُحسَب مسافة المحاذاة، وتوضع على طولها لمبات خضراء تشير للمحاذاة، على الجدار الذي يحاذي الحَجَر، والله أعلم.
الشرط الثالث: جَعْل البيت عن يساره:
أَجْمَع العلماء على أن النبي ﷺ لما طاف، جَعَل البيت عن يساره ثم مشى عن يمينه.
دل على ذلك ما رواه جابر ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا.
ولكن اختَلف العلماء في اشتراط جعل البيت عن يسار الطائف:
فذهب جمهور العلماء إلى أن جعل البيت عن يسار الطائف شرط لصحة الطواف. ومَن جَعَل البيت عن يمينه، وطاف عكس اتجاه الطائفين، فإن طوافه باطل. وبه قال
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٠)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٤٥٣).