للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: غَسْل رأس المُحْرِم وتسريحه:

ذهب جماهير العلماء إلى أنه لا بأس بَغسل المُحْرِم رأسه، وتسريحه (١).

واستدلوا بأن أبا أيوب اغتسل وهو مُحْرِم، وقال: هكذا رأيتُه يَفعل (٢).

المحظور الثاني: تقليم الأظفار: وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: حُكْم إزالة الأظفار للمُحْرِم:

قال ابن قُدامة: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ قَلْمِ أَظْفَارِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْأَظْفَارِ إزَالَةُ جُزْءٍ يَتَرَفَّهُ بِهِ فَحُرِّمَ، كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ (٣).

وهذا الإجماع منخرم؛ فقد خالف الظاهرية فقالوا: إن المُحْرِم غير ممنوع من أخذ أظفاره، والصحيح: أن هذا قول جماهير العلماء (٤).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩] أَيْ: لِيُزِيلُوا أَدْرَانَهُمْ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخُرُوجُ عَنِ الْإِحْرَامِ بِالْحَلْقِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَالِاسْتِحْدَادِ وَقَلْمِ الْأَظْفَارِ. وَلِأَنَّ فِي قَصِّهِ لِلَأَظْفَارِ إِزَالَةَ جُزْءٍ يَنْمُو مِنْ بَدَنِهِ، يَقْضِي بِهِ تَفَثَهُ، وَيَتَرَفَّهُ بِإِزَالَتِهِ، أَشْبَهَ الشَّعْرَ.

[المبحث الثاني: ما يجب من الفدية في تقليم الأظفار]

يجب في تقليم الأظفار فدية: ذَبْح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين (٥).

قال ابن قُدامة: فدَلَّتِ الآيَةُ والخَبَرُ على وُجُوبِ الفِدْيَةِ في حَلْقِ الشَّعَرِ، وَقِسْنَا عَلَيْهِ تَقْلِيمَ الأظْفارِ؛ لأنَّه حُرِّمَ في الإِحْرامِ لأجْلِ التَّرَفُّهِ، فَأَشْبَهَ حَلْقَ الشَّعَرِ (٦).


(١) قال النووي: وَأَمَّا حَكُّ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ، فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي إبَاحَتِهِ. «المجموع» (٧/ ٢٤٨).
نَقَل الإجماع على ذلك ابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ١٦٠) وهذا الإجماع منخرم؛ فهناك قول للمالكية بعدم جواز ذلك. «الكافي» (١/ ٣٨٧).
(٢) رواه البخاري (١٨٤٠)، ومسلم (١٢٠٥).
(٣) «الإجماع» (ص: ٥٢)، و «المغني» (٥/ ١٤٦).
(٤) قال النووي: وَقَالَ دَاوُدُ: يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَلْمُ أَظْفَارِهِ كُلِّهَا، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَحْرِيمِ قَلْمِ الظُّفْرِ فِي الْإِحْرَامِ. فَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَعْتَدُّوا بِدَاوُدَ. «المجموع» (٧/ ٢٤٨).
(٥) «البحر الرائق» (٣/ ١٢)، و «الكافي» (١/ ٣٨٩)، و «المجموع» (٧/ ٢٤٧).
(٦) «الشرح الكبير على المقنع» (٨/ ٢٢٦) وعَدَمُ النص لا يَمنع قياسه على المنصوص.

<<  <   >  >>