للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: شروط طواف الوداع]

الشرط الأول: أن يكون من أهل الآفاق: وفي مطلبان:

المطلب الأول: يُشترَط أن يكون الحاج من أهل الآفاق، فلا يجب طواف الوداع على المكي بالإجماع. ولأن هذا الطواف إما وَجَبَ توديعًا للبيت، وهذا لا يوجد في أهل مكة؛ لأنهم في وطنهم (١).

المطلب الثاني: يطوف للوداع مَنْ كان منزله قريبًا من مكة:

ذهب جمهور العلماء إلى أن طواف الوداع لكل خارج حدود الحرم، كالتنعيم وجدة وغيرهما؛ لقول النبي : «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» (٢).

[الشرط الثاني: الطهارة من الحيض والنفاس]

فيَسقط طواف الوداع عن الحائض إذا حان موعد السفر، وهما كذلك، ولا يجب عليهما دم بتركه، ففي «الصحيحين»: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ» (٣).

وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟» فَقُلْتُ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ. فَقَالَ النَّبِيُّ : «فَلْتَنْفِرْ».

قال النووي: هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ إِلَى طُهْرِهَا لِتَأْتِيَ بِهِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهَا فِي تَرْكِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً، إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُودٌ (٤).


(١) قال النووي: مَنْ فَرَغَ مِنْ مَنَاسِكِهِ وَأَرَادَ الْمَقَامَ بِمَكَّةَ، لَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ غَرِيبًا. وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى وَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ، طَافَ لِلْوَدَاعِ. «المجموع» (٨/ ٢٥٤). ونَقَل الإجماع أيضًا الكاساني في «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٢).
(٢) «حاشية الدسوقي» (٢/ ٥٣)، و «المجموع» (٨/ ٢٥٦)، و «المغني» (٣/ ٣٣٨).
وذهب الحنفية إلى أن مَنْ كان دون المواقيت بمنزلة أهل مكة، ولا وداع عليهم. «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٢) وهذا القول ضعيف لمخالفته الحديث.
(٣) البخاري (١٧٥٥)، ومسلم (١٣٢٨).
(٤) «شرح النووي على مسلم» (٨/ ١٥٤)، و «الاستذكار» (٤/ ٣٧١).

<<  <   >  >>