للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السابع: حُكْم الدم لمَن تَرَك المبيت بمنى ليلة من ليالي التشريق:

اختَلَف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:

الأول: لا يَلزمه شيء؛ لأن المبيت سُنة. وهو مذهب الحنفية، ورواية للحنابلة.

الثاني: يَلزمه دم بترك المبيت بمِنًى ليلة من ليالي التشريق. وهو مذهب المالكية، ورواية عن أحمد.

الثالث: مَنْ تَرَك المبيت بمِنًى ليلة من ليالي التشريق، فعليه أن يتصدق بمُدّ طعام. وهو قول عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة.

قال ابن عثيمين: لو تَرَك ليلة من الليالي، فإنه ليس عليه دم، بل عليه إطعام مسكين إِنْ تَرَك ليلة، وإطعام مسكينين إِنْ تَرَك ليلتين، وعليه دم إِنْ تَرَك ثلاث ليالٍ.

وقال ابن باز: المنصرف في اليوم الحادي عشر قد أَخَل بما يجب عليه من الرمي، فعليه دم يُذبَح في مكة للفقراء، أما تَرْكه المبيت في منى ليلة الثاني عشر، فعليه عن ذلك صدقة بما يتيسر، مع التوبة والاستغفار عما حصل منه من الخلل والتعجل في غير وقته؛ وإِنْ فَدَى عن ذلك كان أحوط؛ لِما فيه من الخروج من الخلاف؛ لأن بعض أهل العلم يرى عليه دمًا بترك ليلة واحدة من ليلتي الحادي عشر والثاني عشر بغير عذر شرعي (١).

المبحث الثامن: سقوط المبيت عن أصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل (٢):

يَسقط المبيت عن أصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل. وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة (٣).

ففي «الصحيحين»: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اسْتَأْذَنَ العَبَّاسُ بْنُ عَبدِ المُطَّلِبِ، رَسُولَ اللهِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى؛ مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ.


(١) «مجموع فتاوى ابن باز» (١٧/ ٣٨٦)، و «الشرح الممتع» (٧/ ٣٥٨).
(٢) (أهل السِّقاية) أي: سِقاية الحُجاج من زمزم. و (الرعاية): رعاية إبل الحُجاج. وذلك أن الناس فيما سبق كانوا يحجون على الإبل، فإذا نزلوا في مِنًى احتاجوا إلى مَنْ يَرعى إبلهم؛ وقد رَخَّص النبي للرعاة أن يَدَعُوا المبيت بمِنًى ليالي مِنًى لاشتغالهم برعاية الإبل. «الشرح الممتع» (٧/ ٣٩٠، ٣٩١).
(٣) «الشرح الكبير» (٢/ ٤٩)، و «المجموع» (٨/ ٢٤٧)، و «الفروع» (٦/ ٦١).

<<  <   >  >>