للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بما ورد عن ابن عمر قال: اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ الْحَجَرَ (١).

وظاهر هذا أنه استقبله بجميع بدنه. ولأن ما وجب فيه محاذاة البيت، وجب محاذاته بجميع البدن؛ فإنه لو استَقبل الكعبة في الصلاة ببعض بدنه، فإنه لا يجزئه.

والراجح: أن محاذاة الحجر الأسود بجميع البدن في ابتداء الطواف- سُنة، وأنه يجزئ الاستقبال ببعض البدن، ويصح طوافه؛ لأنه لو كان الاستقبال للحجر بكل البدن شرطًا، لبَيَّنه رسول الله لصحابته؛ لأنه لا يَجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

وهذا من شأنه التخفيف عند بداية الطواف؛ لأن محاذاته ببعض البدن لا تَستلزم وقوف الطائف، وإنما يكفي مجرد الإشارة.

بخلاف القول بوجوب المحاذاة الذي يَستلزم وقوف الطائف على طول محاذاة الحجر الأسود، ويؤدي ذلك إلى تزاحم شديد، ولا يوجد دليل على الوجوب، فينبغي ترك المحاذاة في الزحام؛ احترازًا من إيذاء المسلمين الممنوع.

السُّنة الخامسة: التكبير في بداية الطواف:

يُستحب التكبير عند بداية الطواف بالإجماع.

واختَلف العلماء فيما يزاد على التكبير من الأدعية على قولين:

الأول: أنه يُكتفى بالتكبير ولا يزاد عليه؛ لِما رَوَى ابن عباس قال: طَافَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى بَعِيرِهِ، وَكَانَ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ، أَشَارَ إِلَيْهِ وَكَبَّرَ. وبه قال مالك (٢).

القول الآخَر: أنه يُستحب أن يقول: (بِاسم الله والله أكبر) كلما استلم الحجر الأسود. وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (٣).

لِمَا رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نَقُولُ إذَا اسْتَلَمْنَا


(١) منكر: أخرجه ابن ماجه (٢٩٤٥). وتتمة الحديث: «ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ، يَبْكِي طَوِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ يَبْكِي، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ». وفي إسناده محمد الخُرَاساني، منكر الحديث.
(٢) «المُدوَّنة» (١/ ٣١٣).
(٣) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٤٤٦)، و «المجموع» (٨/ ٥٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٧٨).

<<  <   >  >>