للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح: القول بوجوب الهَدْي على القارن؛ لقوة أدلته، وهو قول جماهير العلماء، ووَصْف القول بعدم وجوب الهَدْي على القارن بالشذوذ.

المبحث الرابع: حُكْم الاشتراك في الهَدْي للمتمتع والقارن:

اتَّفَق العلماء على أن الشاة لا تجزئ إلا عن واحد (١).

واختلفوا في إجزاء البدنة أو البقرة عن سبعة، على قولين:

القول الأول: يَجوز الاشتراك في الهَدْي في الإبل والبقر، فتجزئ الواحدة من الإبل أو البقر عن سبعة أشخاص. وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (٢).

قَالَ جَابِرٌ: حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ، فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ (٣).

وَعَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ المُتْعَةِ، فَأَمَرَنِي بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الهَدْيِ فَقَالَ: «فِيهَا جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ» (٤).

وَجْه الدلالة: (أو شِرْك في دم) أي: مشاركة مع غيره في جزء من بعير بمقدار السُّبع.

القول الآخَر: أن الواحدة من الإبل لا تجزئ إلا عن واحد. وبه قال المالكية (٥).

واستدلوا بحديث عائشة قالت: «ذَبَحَ عَنَّا رَسُولُ اللهِ يَوْمَ حَجِّنَا (بَقَرَةً بَقَرَةً) (٦).


(١) نَقَل الإجماع على ذلك: ابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ١٩٦) وابن عبد البر في «التمهيد» (١٢/ ١٤٠)، والنووي في «شرح مسلم» (٩/ ٦٧).
(٢) «بدائع الصنائع» (٥/ ٧٠)، و «الأم» (٢/ ٢٢٢)، و «الحاوي» (١٥/ ١٢٢)، و «المغني» (٩/ ٤٥٨).
(٣) رواه مسلم (١٣١٨).
(٤) رواه البخاري (١٦٨٨).
(٥) «المُدوَّنة» (٢/ ٤٦٩).
(٦) شاذ بهذا اللفظ، ومداره على القاسم بن محمد عن عائشة، واختُلف عنه:
فرواه عَمَّار الدُّهْنِيّ، عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم به، عند النَّسَائي (٤١١٥) وهو شاذ مُخالِف لِما رواه ابن عُيينة، عن عبد الرحمن، به عند البخاري (٢٩٤)، ومسلم (١٢١١) بلفظ: قَالَتْ: ضَحَّى رَسُولُ اللهِ عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ.
ومما يدل على شذوذ هذه اللفظة: ما روته عَمْرة عن عائشة قالت: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ أَزْوَاجِهِ. أخرجه البخاري (١٧٠٩)، ومسلم (١٢١١).
قال الذهبي: هذا حديث غريب. «ميزان الاعتدال» (١/ ٢١٠).

<<  <   >  >>