للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي يوم عرفة تُغْفَر السيئات وتُقال العثرات، وتُضاعَف الحسنات وتجاب الدعوات! روى أحمد بسند حسن: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو، أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ ﷿ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي، أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا» (١).

ومن فضائل يوم عرفة: أنه مُوافِق ليوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ففي «الصحيحين»: عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣] قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ» (٢).

المطلب الثاني: من فضائل يوم عرفة لغير الحاج:

الأول: أن يوم عرفة هو اليوم التاسع من الأيام العَشْر، وقد قال النبي : «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ» قَالُوا: وَلَا الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلَا الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» (٣).

الثاني: يُستحَب صوم يوم عرفة لغير الحاج؛ فصيامه يُكَفِّر سنتين: يُكَفِّر السَّنة التي قبله، والسَّنة التي بعده، وقد قال رسول الله : «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» (٤).


(١) رواه أحمد (٧٠٨٩) ورجاله ثقات سوى أزهر بن القاسم، وقد يُحَسَّن حديثه.
وله شاهد عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ اللهَ ﷿ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا» أخرجه أحمد (٨٠٤٧)، وإسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق.
(٢) أخرجه البخاري (٤٥)، ومسلم (٣٠١٧).
(٣) أخرجه البخاري (٩٦٩).
(٤) أخرجه مسلم (١١٦٢). قال القاضي عِيَاض: هذا المذكور في الأحاديث من غفران الصغائر دون الكبائر، وهو مذهب أهل السُّنة، وأن الكبائر إنما تُكفِّرها التوبة، أو رحمة الله تعالى.
فإن قيل: معناها: فإذا كَفَّر الوضوء، فماذا تُكفِّره الصلاة؟
فالجواب: أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإِنْ وَجَد ما يكفره من الصغائر كَفَّره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة، كُتبت به حسنات ورُفعت له به درجات.

<<  <   >  >>