للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث التاسع: ميقات الحَلْق أو التقصير، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: الميقات الزماني:

آخِر وقت للحلق أو التقصير قد اختَلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن آخِر وقت الحلق أو التقصير يكون بغروب الشمس من آخِر شهر ذي الحجة، ولا يَجوز التأخير بعده. وهذا مذهب بعض المالكية وابن حزم (١).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧].

وقد بَيَّن الله تعالى أول وقت الحلق بقوله: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] ولم يُبيِّن آخره، وأَشْهُر الحج تنتهي بنهاية ذي الحجة، فمَن حَلَق بعد انتهاء شهر ذي الحجة، فقد وقع في غير وقته، وعليه جبران ذلك بدم.

القول الثاني: أن آخِر وقت الحلق أو التقصير هو آخِر أيام التشريق؛ واستدل لذلك بالقياس، فكما أن الرمي والنحر لا يكونان إلا في يوم النحر وأيام التشريق، فكذا الحلق أو التقصير. وبه قال الحنفية والمالكية في قول، وقول للحنابلة (٢)

واعتُرض عليه بأن الحلق لا يقاس على الرمي والنحر؛ لأن الرمي والنحر مما تَدخله النيابة، بخلاف الحلق، فلا بد للحاج أن يَحلق أو يُقصِّر رأسه.

القول الثالث: أنه ليس لآخِر وقت الحلق أو التقصير حد، فيصح فعله في أي وقت. وبه قال أبو يوسف ومحمد من الحنفية، والشافعية، وهو المشهور عند الحنابلة (٣).

واستدلوا لذلك بعموم قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] فالله تعالى بَيَّن أول وقت الحلق ولم يُبيِّن آخره، فمتى أتى به أجزأه.


(١) «مواهب الجليل» (٣/ ١٣٠)، و «المُحَلَّى» (٥/ ١٨٠).
(٢) «المبسوط» (٤/ ٧١)، و «المُنتقَى» (٣/ ٣٠)، و «الإنصاف» (٤/ ٤٠).
(٣) «المبسوط» (٤/ ٧٠)، و «الإيضاح» (ص: ٣٤٣)، و «الإنصاف» (٤/ ٤٠).

<<  <   >  >>