للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستَدل بأن الجراد لا مِثل من النَّعَم، ففيه الإطعام أو الصيام، والإطعام يكون لثلاثة مساكين؛ لقوله تعالى: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٩٥]، وأقل المساكين ثلاثة.

واعتُرض عليه بأن فَهْم عمر الفارق وابن عباس الحبر- مُقَدَّم على فَهْم غيرهما.

القول الثالث: أنه لا جزاء في صيد الجراد. وهو رواية عند الحنابلة (١).

القول الرابع: أن الجزاء في صيد الجراد هو صاع من طعام. وبه قال ربيعة. وقال ابن عمر: يجب عليه شاة (٢).

المبحث السابع: أمور عامة متعلقة بالفدية: وفيه مطالب:

المطلب الأول: ارتكاب محظورات فدية الأذى عمدًا:

لا فَرْق في التخيير في فدية الأذى بين مَنْ ارتكب المحظور بعذر، أو كان عمدًا. وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة؛ وذلك لأن الله تعالى أوجب الفدية على مَنْ حَلَق رأسه لأذى به وهو معذور، فكان ذلك تنبيهًا على وجوبها على غير المعذور (٣).

المطلب الثاني: حُكْم فِعل المحظورات نسيانًا أو جهلًا:

اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: مَنْ فَعَل شيئًا من محظورات الإحرام ناسيًا أو جاهلًا أو مُكْرَهًا، فلا شيء عليه. وهو مذهب الشافعية، ورواية عن الحنابلة والظاهرية (٤).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة والقياس:

أما الكتاب، فاستدلوا بعموم قوله تعالى في قتل الصيد: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥].

فقوله: (مُتَعَمِّدًا) يفيد أن مَنْ فَعَل شيئًا من محظورات الإحرام، ناسيًا أو جاهلًا أو


(١) «الفروع» (٥/ ٥٠٨)، و «الإنصاف» (٣/ ٤٩٠).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ١٢٧).
(٣) «الكافي» (١/ ٣٨٩)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ٢٢٧)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٦٠).
(٤) «الأم» (٢/ ١٥٤)، و «الحاوي» (٤/ ١٠٥)، و «المغني» (٥/ ٣٩٢)، و «المُحَلَّى» (٧/ ٢١٤).

<<  <   >  >>