للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمهيد

يَرمي الحاج في أيام التشريق الجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، كل جمرة بسبع حصيات، في اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر واليوم الثالث عشر.

[المبحث الأول: الوقت المتفق على إجزاء الرمي فيه في أيام التشريق]

نُقِل الإجماع على إجزاء الرمي في أيام التشريق الثلاثة، بعد زوال الشمس (١).

المبحث الثاني: حُكْم رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال:

اتَّفَق العلماء على أن رسول الله رَمَى جمرة العقبة ضُحَى يوم النحر.

وحُكي الإجماع على أنه لا يجوز تقديم رمي الجمار في أيام التشريق قبل الزوال (٢).

وهذا الإجماع منخرم؛ فقد اختلف العلماء في جواز الرمي قبل الزوال على أربعة أقوال:

القول الأول: لا يصح الرمي قبل زوال الشمس في أيام التشريق، ومَن رمى قبل الزوال فعليه الإعادة. وبه قال أبو حنيفة في رواية، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة (٣).

واستدلوا بالسُّنة والمأثور:

أما السُّنة، فبما ثَبَتَ عن رسول الله أنه رمى بعد الزوال، في أحاديث كثيرة:

فعن جَابِرٍ قَالَ: «رَمَى رَسُولُ اللهِ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ» يعني أما بعد يوم النحر في أيام التشريق، فيَرمي الجمرات إذا زالت الشمس.


(١) قال ابن المنذر: أجمعوا على أن مَنْ رَمَى الجمار في أيام التشريق بعد زوال الشمس، أن ذلك يجزئه. «الإجماع» (ص: ٥٨). وقد نَقَل الإجماع: ابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤٦)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٧/ ٢٧٢)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ١١٨)، وابن تيمية في «شرح العمدة» (٢/ ٥٥٧).
(٢) قال الماوردي: فلا يَجوز تقديم رمي يوم على زواله إجماعًا. «مرقاة المفاتيح» (٥/ ١٨١٦).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٧)، و «المُدوَّنة» (١/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «الأُم» (٢/ ٣٣٢)، و «المغني» (٥/ ٣٢٨).
قال ابن عبد البر: وَاخْتَلَفُوا إِذَا رَمَاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: مَنْ رَمَاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ أَعَادَ رَمْيَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ. «الاستذكار» (٤/ ٣٥٣).

<<  <   >  >>