للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا سَعَى فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ» (١).

ولم يصح عن رسول الله دعاء معين على الصفا.

وَعَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠]، وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ» (٢).

السُّنة الخامسة: السعي الشديد بين العلامتين الخضراوين للرجال:

يُسَن المشي بين الصفا والمروة، إلا ما كان بين العلامتين الخضراوين، وهى إنارة خضراء على جانبَي المسعى في السعي، فإنه يُسَن للرجال السعي الشديد بينهما، وذلك في الأشواط السبعة، بالسُّنة والإجماع.

أما السُّنة، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ المَسِيلِ، إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ (٣).


(١) ضعيف مرفوعًا، وصح عن ابن مسعود من قوله موقوفًا.
فرواه علقمة، مرفوعًا، به، عند الطبراني في «الأوسط» (٢٧٥٧) وفي إسناده ليث، ضعيف.
ورواه الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود موقوفًا، وسنده صحيح. عند ابن أبي شيبة (١٥٧٩٥).
ورواه منصور، عن أبي وائل، عن مسروق، عن ابن مسعود موقوفًا، به. عند البيهقي (٩٣٥١).
وقال ابن حجر: موقوف صحيح الإسناد. «الفتوحات الربانية» (٤/ ٤٠١).
(٢) إسناده صحيح: رواه مالك في «الموطأ» (١٠٩١).
ورَوى ابن أبي شيبة (٣١٨٥١) بسند صحيح عن نافع قال: كَانَ ابنُ عمَرَ إِذَا قَدِمَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ جُلُوسُهُ فِيهِمَا أَطْوَلَ مِنْ قِيَامِهِ ثَنَاءً عَلَى رَبِّهِ وَمَسْأَلَةً، فَكَانَ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ رَكْعَتَيْهِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي بِدِينِكَ وَطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي حُدُودَكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِبُّك وَيُحِبُّ مَلَائِكَتَكَ وَرُسُلَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إِلَيْكَ وَإِلَى مَلَائِكَتِكَ وَرُسُلِكَ، اللَّهُمَّ آتِنِي مِنْ خَيْرِ مَا تُؤْتِي عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ يَسِّرْنِي لِلْيُسْرَى وَجَنِّبْنِي الْعُسْرَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى، اللَّهُمَّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَفِيَ بِعَهْدِكَ الَّذِي عَاهَدْتَنِي عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ، وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ.
(٣) رواه البخاري (١٦١٧)، ومسلم (١٢٦١).
ولكن يشكل عليه ما رواه البخاري (٣٨٤٧) معلقًا: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَ السَّعْيُ بِبَطْنِ الوَادِي بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ- سُنَّةً، إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَسْعَوْنَهَا، وَيَقُولُونَ: لَا نُجِيزُ البَطْحَاءَ إِلَّا شَدًّا.
قال الحافظ: وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي «الْمُسْتَخْرَجِ» مِنْ طَرِيقِ حَرْمَلَةَ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ. «الفتح» (٧/ ١٥٨).
وحرملة لا يَتحمل مثل هذا المتن، ولو صح فقد حَمَل بعض العلماء قول: (لَيْسَ السَّعْيُ بِبَطْنِ الوَادِي بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ- سُنَّةً) على وجهين:
الأول: ليس بسُنة واجبة يجب بتركها دم.
الثاني: ليس بسُنة ابتدأها رسول الله ، وإنما كانت من عمل الجاهلية فأقرها. «القِرى» (ص: ٣٦٩).

<<  <   >  >>