للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: الكفارة على مَنْ جامع بعد التحلل الأول.

اختَلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: يجب عليه بدنة. وهو مذهب الحنفية والشافعية، ورواية للحنابلة (١).

القول الآخَر: يجب عليه الهَدْي بشاة. وهو مذهب المالكية، وقول للشافعية، والمشهور عند الحنابلة (٢).

المطلب الرابع: ما المراد بالبدنة الواجبة على مَنْ أفسد حجه؟

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن البدنة هي الإبل خاصة. وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة (٣).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة:

أما الكتاب، فقوله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: ٣٦].

وَجْه الدلالة: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ معناه: إذا سَقَطَتْ على جنوبها ميتة. فهذا الوصف خاص بالإبل؛ لأنها تُنحَر وهي قائمة. وأما البقر فإنه يُضْجَع ويُذبَح كالغنم.

وأما السُّنة، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً» (٤).

وَجْه الدلالة: أن تفريقه بين البقرة والبدنة يدل على أن البقرة لا يقال لها بدنة.

القول الثاني: أن البُدن هي الإبل والبقر. وهو مذهب الحنفية (٥).

وعن جابر: اشْتَرَكْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنَةٍ … فَقَالَ لَهُ


(١) «فتح القدير» (٣/ ٤٧»، و «الحاوي» (٤/ ٢١٩)، و «الإنصاف» (٣/ ٤٩٩).
(٢) «الاستذكار» (١٢/ ٣٠٤)، و «المجموع» (٧/ ٤٠٧)، و «الإنصاف» (٣/ ٤٩٩).
(٣) «المدونة» (١/ ٦٥٩)، و «الأم» (٢/ ٢٥٨)، و «المبدع» (٣/ ١٩١).
(٤) البخاري (٨٨١)، ومسلم (٨٥٠).
(٥) «المبسوط» (٤/ ١٣٦).

<<  <   >  >>