للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: التحلل: وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: تعريف التحلل وأنواعه:

الْمُرَادُ بِالتَّحَلُّل: الْخُرُوجُ مِنَ الإْحْرَامِ، وَحِلُّ مَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ (١).

أنواع التحلل: الحج له تحللان. وهو مذهب المذاهب الأربعة (٢).

المطلب الثاني: بِمَ يحصل التحلل الأول؟

اختَلف أهل العلم في ذلك على أربعة أقوال:

القول الأول: أن التحلل الأول لا يَحصل إلا بالحلق بعد الرمي. وبه قال الحنفية (٣).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة والقياس:

أما الكتاب، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩].

وَجْه الدلالة: أن قضاء التَّفَث هو حَلْق الشَّعْر بعد رمي جمرة العقبة، ولُبْس الثياب، وما يَتبع ذلك من قص الشارب والأظفار؛ لأن التَّفَث في اللغة الوسخ، يقال: (امرأة تَفِثة) إذا كانت خبيثة الرائحة، فعموم الآية يَشهد بأن التحلل الأول يكون برمي الجمرة وحَلْق الشَّعر، وما يَتبع ذلك من لُبْس الثياب والتنظف، وهو قضاء التَّفَث (٤).

وأما السُّنة، فَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ، وَكُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ» (٥).

وَجْه الدلالة: إخبار النبي بأن مَنْ رَمَى وحَلَق قد حل له الطِّيب والثياب وكل شيء


(١) «الموسوعة الكويتية» (٢/ ١٧٥) وهو قسمان: تَحَلُّل أصغر، وتَحَلُّل أكبر.
(٢) «العناية» (٣/ ١٠)، و «الذخيرة» (٣/ ٢٦٩)، و «المجموع» (٧/ ٣٨٨).
(٣) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥١٧)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٢).
(٤) قال مالك: التفث: حِلَاق الشَّعر ولُبْس الثياب. «الموطأ» (٢/ ٤٤٧).
(٥) ضعيف: أخرجه أحمد (٢٥١٠٣)، وابن خُزيمة (٣٠١٤). وفي إسناده الحَجَّاج بن أرطأة، وفيه ضعف. وقد اختُلف عليه اختلافًا كثيرًا في سنده ومتنه، قال البيهقي: «وَهَذَا مِنْ تَخْلِيطَاتِ الحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ». «السُّنن الكبرى» (١٠/ ١٣٩)، وكذا ابن حجر في «التلخيص الحبير» (٢/ ٤٩٦).

<<  <   >  >>