للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأفضل أن يُقَدِّما صيام الأيام الثلاثة قبل يوم عرفة؛ ليكونا يومَ عرفة مُفطرَين؛ لأن النبي أفطر بعرفة، ولأن الفطر في هذا اليوم أقوى لهما على العبادة، وأنشط لهما على الدعاء.

المطلب الرابع: صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهَدْي:

اختَلَف العلماء في تأخير الصيام عن يوم النحر لمن لم يجد الهَدْي، على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يجوز صوم أيام التشريق لمن لم يجد الهَدْي؛ لأن أيام التشريق أيام للحج، ففيها رمي الجمرات، فيَدخل في عموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾.

وَعَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ ، قَالَا: «لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ».

وهذا مذهب المالكية، وقول للشافعية، والمشهور عن الحنابلة (١).

القول الثاني: أن مَنْ لم يجد الهَدْي، إذا انقضى يوم عرفة، ولم يكن قد صام الثلاثة أيام قبل يوم النحر، فعليه دم ولا يجزئه غيره، وليس له أن يصوم أيام التشريق ولا بعدها. وهو مذهب الحنفية، ورواية عن الحنابلة (٢).

القول الثالث: ذهب ابن حزم إلى أنه ليس له أن يصوم أيام التشريق؛ لأنها أيام أكل، ويصوم بعدها، بشرط أن يُؤخِّر طواف الإفاضة حتى يُتِم صيام الأيام الثلاثة؛ لأنه ما زال في الحج، فيَدخل في عموم الآية، فإن لم يَفعل حتى طاف فلا يصوم ويستغفر الله (٣).

والراجح: يَجوز صوم أيام التشريق لمن لم يجد الهَدْي.

المطلب الخامس: مَنْ لم يصم قبل عرفة، هل يَسقط الهَدْي عنه، أو يَبقى في ذمته؟

ذهب جمهور العلماء إلى أن مَنْ لم يصم الأيام الثلاثة في الحج، فإنه لا يَسقط الصيام عنه، ويَلزمه بعد ذلك القضاء. وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة (٤).


(١) «الكافي» (١/ ٣٤٦)، و «المُدوَّنة» (١/ ٤١٤)، و «الحاوي» (٣/ ٤٥٥)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٤٩).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧٣)، و «المغني» (٣/ ٤١٩).
(٣) «المُحَلَّى» (٥/ ١٤٥).
(٤) «الذخيرة» (٣/ ٣٥١)، و «المجموع» (٧/ ١٨٦)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٦٤).

<<  <   >  >>