للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأقوياء، فيُسَن لهم الرمي بعد الشروق؛ لأن النبي رمى جمرة العقبة ضُحى.

المبحث الرابع:

حُكْم مَنْ تَرَك رمي جمرة العقبة يوم النحر، وليلة أول أيام التشريق.

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن مَنْ تَرَك رمي جمرة العقبة يوم النحر وليلة أول أيام التشريق- تَدارَكها في اليوم التالي، ويُشترط فيه الترتيب، فتُقدَّم على رمي أيام التشريق. وهو مذهب الحنفية والمالكية، والأظهر عند الشافعية، وبه قال الحنابلة (١).

واستدلوا بالسُّنة والقياس:

أما السُّنة، فاستدلوا لصحة تأخير رمي جمرة العقبة إلى اليوم الثاني إذا دعت الحاجة- بما رواه عاصم العَجْلاني ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ رَخَّصَ لِرِعَاءِ الإِبِلِ في البَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى، يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْمُونَ الغَدَ، ومِنْ بَعْدِ الغَدِ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ.

قال النووي: والدليل عليه أنه يَجوز لرعاة الإبل أن يؤخروا رمي يوم إلى يوم بعده، فلو لم يكن اليوم الثاني وقتًا لرمي اليوم الأول، لما جاز الرمي فيه (٢).

وأما القياس، فإنه لما كان جميع أيام التشريق وقتًا لنحر الأضاحي، وجب أن يكون جميعها وقتًا لرمي الجمار.

القول الآخَر: رَمْي كل يوم مؤقت بيومه. وهو قول للشافعية (٣).

والدليل عليه: أنه رَمْي مشروع في يوم، ففات بفواته، كرمي اليوم الثالث.

والراجح: أن مَنْ تَعَذَّر عليه رمي جمرة العقبة يوم النحر، وليلة أول أيام التشريق- تَدارَكها في اليوم التالي.


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٧)، و «شرح خليل» (٢/ ٣٣٦)، و «تحفة المحتاج» (٤/ ١٣٧)، و «المبدع» (٣/ ٢٣٠).
(٢) «المجموع» (٨/ ٢٣٦).
(٣) السابق.

<<  <   >  >>