للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الرابع: أن رمي جمرة العقبة لا يَجوز قبل طلوع الشمس للأقوياء، بخلاف الضعفاء. وهذا قول ابن القيم والشوكاني والصنعاني (١).

واستدلوا بأن جميع الأحاديث الواردة في الترخيص في الرمي قبل طلوع الشمس- كلها للضَّعَفة، كما في حديث ابن عمر أنه كان يُقَدِّم ضَعَفة أهله … وقال: أَرْخَصَ في أولئك رسول الله . وغيره من الأحاديث.

فالمنطوق أن الإذن والترخيص للضَّعَفة بالرمي قبل طلوع الشمس. والمفهوم أنه لم يُرخِّص لمن سواهم، وما دام لم يُرخِّص لهم فالأصل البقاء على الوقت الذي رمى فيه النبي ، وهو بعد طلوع الشمس (٢).

فيُرَد عليهم بأن النبي أَذِن بدفع الضَّعَفة بليل قبل الفجر، مما يُفْهَم منه إتيانهم بقَدْر الواجب، وأن ما بعده كمال. ولو كان هذا القَدْر غير مفيد في ذلك، لم يكن لتأخير الإذن لهم حتى الليل معنى.

والراجح: أن رمي جمرة العقبة يوم النحر يَجوز من بعد غياب القمر، كما في حديث أسماء الدال على الإذن في رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس.

ولذا يَجوز لأهل الأعذار من النساء ومحارمهن من الرجال والمرضى، ومَن يقوم عليهم من الأقوياء، والصبيان وغيرهم من أهل الأعذار- الرمي قبل طلوع الشمس، وإن كان الأفضل هو الرمي بعد طلوع الشمس إن لم يكن هناك مشقة أو حرج.


(١) «زاد المعاد» (٢/ ٢٣٢ - ٢٣٤)، و «نَيْل الأوطار» (٥/ ١٤٤)، و «سُبُل السلام» (٢/ ٤٣٠).
(٢) قال ابن القيم: ثم تأملنا، فإذا إنه لا تَعارُض بين هذه الأحاديث؛ فإنه أَمَر الصبيان أن لا يَرموا الجمرة حتى تَطلع الشمس؛ فإنه لا عُذْر لهم في تقديم الرمي، أما مَنْ قَدَّمَه من النساء فرمين قبل طلوع الشمس للعذر، والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحَطْمهم. «زاد المعاد» (٢/ ٢٣٢ - ٢٣٤).

<<  <   >  >>