للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الآخَر: أن المُحْرِم إذا باشر فأَنْزَل، فتجب عليه بدنة عند المالكية والحنابلة (١).

واستدلوا بالقياس على الجماع. ونوقش بأن هذا قياس مع الفارق في أكثر الأحكام.

والراجح: أن المُحْرِم إذا باشر فأَنْزَل، وجب عليه فدية الأذى، يُخيَّر بين الدم أو الإطعام أو الصيام.

القسم الرابع: ما فديته الجزاء بمثله، وهو الصيد:

وفيه سبعة مباحث:

المبحث الأول: كفارة قتل المُحْرِم للصيد: وفيه مطلبان:

المطلب الأول: حُكْم كفارة قتل الصيد عامدًا ذاكرًا لإحرامه:

يجب الجزاء في قتل الصيد في الجملة، بالكتاب والإجماع.

أما الكتاب، فعموم قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥].

وأما الإجماع، فنَقَل غير واحد الإجماع على أن المُحْرِم إذا قَتَل صيدًا، عامدًا، ذاكرًا لإحرامه، أن عليه الجزاء (٢).

المطلب الثاني: كفارة قتل الصيد:

يُخيَّر المُحْرِم إذا قَتَل صيدًا يُشْبِه النَّعَم بين ذبحِ مِثله، والتصدق به على المساكين، وبين أن يُقوَّم الصيد، ويشتري بقيمته طعامًا لهم، وبين أن يصوم عن إطعام كل مُدٍّ يومًا.

أما إذا قَتَل المُحْرِم ما لا يُشْبِه شيئًا من النَّعَم، فإنه يُخيَّر بين الإطعام والصيام.

وهذا مذهب جمهور الفقهاء، من المالكية والشافعية والحنابلة (٣).

واستدلوا بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ


(١) «الذخيرة» (٣/ ٣٤٤)، و «شرح العمدة» (٢/ ٢٢١).
(٢) «الإجماع» (ص: ٥٣). ونَقَله ابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ١٢٤)، وابن قُدامة في «المغني» (٥/ ٣٩٥).
(٣) «الفواكه الدواني» (٢/ ٨٣٥)، و «المجموع» (٧/ ٤٢٣)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٦١).

<<  <   >  >>