للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن هذا القياس غير صحيح؛ وذلك أن الهَدْي يختص بمكان فاختص بزمان، كالرمي، بخلاف الصوم فإنه يصام في الحِل والحَرَم. والبدل يخالف المُبْدَل هنا؛ لأن مكان الذبح مكة، ومكان الصوم ثلاثة في الحَرَم وسبعة بعد الرجوع إلى الأهل (١).

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء، أي: عدم جواز نحر الهَدْي إلا يوم النحر؛ لأن النبي وعامة أصحابه لم يَنحروا هَدْيهم إلا يوم النحر، وقد قَدِموا وهم متمتعون في اليوم الرابع من ذي الحجة، وبقيت الغنم والإبل التي معهم موقوفة حتى جاء يوم النحر. فلو كان ذبحها جائزًا قبل ذلك، لبادر النبي وأصحابه إليه في الأيام الأربعة، التي أقاموها قبل خروجهم إلى عرفات؛ ولا سِيَّما والمُبادَرة إلى إبراء الذِّمة أَوْلَى مِنْ التأخير؛ لأن الناس بحاجة إلى اللحوم في ذلك الوقت.

المطلب الثاني: آخِر زمن الذبح:

اتَّفَق العلماء على أن مَنْ نَحَر هَدْيه يوم النحر قبل غروب الشمس، أنه يجزيه، وأنه بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق- يكون قد خرج وقت نحر الهَدْي.

واختَلف أهل العلم في آخِر زمن الذبح على أقوال، أشهرها قولان: هل هي يوم العيد ويومان بعده؟ أو هي يوم العيد وثلاثة أيام بعده؟

القول الأول: أن أيام النحر أربعة: يوم النحر وثلاثة أيام بعده، فينتهي بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق. وهذا مذهب الشافعي، وقول للحنابلة (٢).

واستدلوا بالقرآن والسُّنة:

أما القرآن، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٨] والأيام المعلومات هي يوم العيد وأيام التشريق التي فيها ذِكر الله وذبح بهيمة الأنعام.

وأما السُّنة، فاستدلوا بقول النبي : «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» (٣) وإذا كانت


(١) «أضواء البيان» (٥/ ٥٤٥).
(٢) «الأم» (٣/ ٥٨٨)، و «الحاوي» (٤/ ٩٥٩)، و «الإنصاف» (٤/ ٦٣).
(٣) مسلم (١١٦٠). ورُوي أيضًا عن كعب بن مالك عند مسلم (١١٦١).

<<  <   >  >>